ريدرز دايجست

فى فبراير 1922 صدر العدد الأول من المجلة الأمريكية ريدرز دايجست  (Reader>s Digest) وهى مجلة تصدر بصورة شهرية....احتوى العدد الأول على 31 مقالا مختارا من أهم المقالات الصادرة فى الصحف والمجلات الأمريكية المختلفة... انتشرت المجلة خارج الولايات المتحدة الأمريكية بصدور نسخة المملكة المتحدة عام 1938 واستمرت المجلة فى التوسع والانتشار بلغات عدة......صدرت أول نسخة عربية منها وكان ذلك  فى مصر عام 1943 ثم سرعان ما تم إلغاء الترخيص وعادت النسخة العربية مرة أخرى عام 1976 تحت اسم :المختار».…

وصلت المجلة فى الانتشار إلى 70 دولة وبحوالى 21 لغة مختلفة....الفكرة بديعة...أتذكر كم السعادة بتصفحها ومهما كانت الأعداد قديمة فإنها كانت لاتزال تحمل الكثير من المتعة والمعلومات والثقافة الراقية.…

ومع دخول عصر الشبكات والإنترنت ومنذ عام 1995 بدأت مبيعات الشركة فى التناقص مع وجود الإنترنت كبديل الأمر الذى أدى بالشركة الاكتفاء بالنسخة الإلكترونية و التوقف عن إصدار النسخة الورقية ثم الاكتفاء بنسخة فى الولايات المتحدة الأمريكية فقط تماما مثلما بدأت المجلة قبل 98 عاما من اليوم.

فكرة المجلة كانت فكرة بديعة عندما تم إطلاقها و تنفيذها و لكن عصر المعلومات وشبكة الإنترنت و انتشار وزيادة حجم المحتوى المتنوع و براعة محركات البحث فى إظهار النتائج وكذا أيضا البرامج التى تقوم بالبحث عن تفضيلات القراء وإعادة إرسال تلك التجميعات بصورة جذابة و سريعة و متنوعة....لن تحتاج أن تنتظر لمدة 30 يوما لتحصل على النتيجة....تكفى أجزاء صغيرة  من الزمن....إذا بحثت عن كلمة Egypt على محرك البحث فستحصل على 750 مليونا نتيجة فى أقل من نصف ثانية ....نتائج بصورة رقمية بها المادة المكتوبة والمرئية (صور ومقاطع فيديو) أو مسموعة…

تحتاج إلى دقائق معدودة من البحث على شبكة الإنترنت لتنتج لنفسك نسخة خاصة من مجلة المختار....تحتوى على ما تختاره أنت ويهمك أنت وبالأسلوب وباللغة المناسبة لك.

التحدى القادم ليس فى إتاحة الأخبار والمعلومات ومقالات الرأى ....التحدى الحقيقى هو تحدى تحليل هذا الكم المهول من المعلومات والبيانات والخروج بالدلالات والمؤشرات الدالة....الوصول إلى المعرفة ومن ثم إلى الحكمة...أما الأسلوب القديم الذى بدأت به المجلة فإنه غير مناسب لهذا العصر والذى بالفعل يمكن أن نعتبر أن عقد التسعينيات هو الفاصل بين أنماط مختلفة فى مجالات متعددة وإذا افترضنا أن البداية لهذه الثورة يمكن أن نعتبرها منذ منتصف ذلك العقد فإننا هذا العام نحتفل بمرور ربع قرن على اندلاع تلك الثورة التى غيرت وجهة الأرض و ستستمر فى إحداث تغييرات جذرية لسنوات قادمة. مع كل تلك الاعتبارات أجدنى من آن لآخر أجلس لكى أطالع أحد الأعداد القديمة من مجلة «المختار» .... تداعب أنفى رائح الورق القديم .....مسترجعا مفردات زمنا جميلا لن يعود.