الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
طيارة ورق

طيارة ورق

فى عصر الأجهزة الإلكترونية الحديثة...عصر الثورة الصناعية الرابعة حيث الشبكات المتداخلة التى تربط الحواسب والتليفونات المحمولة مع كافة الأجهزة المنزلية والكثير من الأجهزة بالشوارع والطرق ومنها السيارات والكاميرات من خلال بروتوكول إنترنت الأشياء والتى ترتبط بدورها بخوادم تحمل تلك البيانات العملاقة والتى يتم تحليلها لحظيا واتخاذ قرارات ربما بعيدا عن تدخل البشر من أجل رفاهية الجميع...فى هذا العصر الذى تغطى العالم فيه شبكات من كوابل الألياف الضوئية فى البلدان و حول القارات تغوص فى أعماق البحار و المحيطات و أيضا الشبكات اللاسلكية ذات الترددات المختلفة وصولا إلى أسراب من الأقمار الصناعية التى تحيط بالأرض و تبث إشاراتها بدقة و انتظام...فى ظل كل هذا و فى ظل وباء كورونا و الإجراءات الاحترازية التى تتخذها الدول من أجل السيطرة على انتشاره وأيضا التسارع الشديد لجهود التحول الرقمى و تغيير أنماط العمل والتعلم والعلاقات الإنسانية....فى ظل كل هذا لاحظت خلال شهر رمضان الماضى وحتى اليوم وجود أعداد كبيرة جدا من الطيارات الورقية على طريق الأوتوستراد عند سفح جبل المقطم حيث مرقد الأولياء والصالحين...تنتشر تلك الهواية بين الأطفال و الكبار على حد سواء....عشرات الطائرات مختلفة الأحجام و الألوان....من يتبقى منها حتى حلول الظلام يبدأ فى إضاءة الطائرات بعدد من اللمبات الصغيرة الملونة على محيط «الخوص» المكون لهيكل الطائرة....الوان بديعة وإضاءات مبهجة...لم أكن أتخيل أن تستمر تلك الهواية القادمة من عصر ما قبل التكنولوجيا.... ربما من عصر ما قبل انتشار الكهرباء....كانت منتشرة فى الريف-وربما ما تزال- ولكن أن نراها فى عام 2020 بهذه الكثافة وهذا الإبهار....تحد لعصرنا بتقنياته و أخطاره....النظر إلى وجوه الأطفال أثناء متابعاتهم لتلك الطائرات يبعث على البهجة....البعض قد يرى تلك الهواية مملة وربما يراها البعض سخيفة أيضا....إلا أن شغف هؤلاء واهتمامهم و تباريهم فى اقتناء الأحجام الكبيرة و تزيينها بزينة مميزة وأخيرا توجيهها بعيدا و التبارى فى ارتفاعها عاليا ...هذا الشغف و الولع من المؤكد أنه نتيجة متعة حقيقية يشعر بها هؤلاء...متعة بريئة بسيطة فى عصر شديد التعقيد قليل المتعة كثير التوتر....نحتاج إلى إلقاء الضوء على تلك الهوايات الهادئة التى قد تنحسر و لكن يبدو أنها لن تنقرض أبدا.