السبت 12 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كيف تغتصب عقلًا؟!

كيف تغتصب عقلًا؟!

اقترن لفظ الاغتصاب دائما فى أذهاننا باغتصاب الجسد دون غيره، والحقيقة أن الاغتصاب كجريمة تعنى أخذ ما لم يكن ملكا بالقوة والقهر دون إذن صاحبه، فإن كان الجسد له حرمة، فالعقل البشرى أيضا له حرمة.



 

فإذا كانت حرمة الجسد تتمثل فى حق عدم انتهاكه وعدم المساس به دون إذن صاحبه، فحرمة العقل أيضا تتمثل فى حق الفرد فى حرية التفكير وتبنى الآراء والاتجاهات التى تعبر عن مكنونه دون التأثير أو التشويش عليها. 

 

ولكن ما يحدث الآن.. ومع التطور السريع فى التكنولوجيا التى أتاحت تعدد المنصات الإلكترونية بمختلف أشكالها وأدوارها، فأصبحت منبرا للتعبير عن مختلف الآراء بمنتهى الحرية وبث ونشر مختلف المضامين والأفكار بدون رقابة أو سلطة... أصبح (اغتصاب العقول ) أمرا مباحا بشكل يومى مستغلًا تلك الفئات التى لم يكن لديها الوعى الكافى لكيفية التفرقة بين ما تتعرض له من مضامين.

 

لكل عقل بشرى (رحم)... هذا الرحم هو الذى يلد الاتجاهات التى يتبناها الفرد بمكوناتها (المكون المعرفي، والوجداني، والسلوكي)، ومع التعرض اليومى لمختلف وسائل الإعلام سواء (التقليدى أو الجديد) فإن (الرحم) يتم تلقيحه يوميًا بمختلف الأفكار والمضامين، فإذا تم التلقيح (بالمضامين الهادفة) نتج عنه تربة خصبة للثراء الفكرى والإبداع وفى هذه الحالة تعتبر (تنمية بشرية) بما فيه صالح للفرد وللبشرية، أما إذا تم التلقيح (بالمضامين المسمومة) نتج عنه تربة جدباء وعقل مسموم مؤذ لنفسه ومن حوله وهو ما يعتبر (اغتصابا فكريا) وتضليلا وتشويشا للفطرة السوية التى خلق بها الله الإنسان ليفكر بكل ما هو صالح.

 

نحن نؤمن بحرية التعرض وحرية الفرد فى اختياره للمضامين التى يريد التعرض لها، وضرورة الانفتاح على مختلف الثقافات، ولكننا نؤمن أيضا بضرورة الحفاظ على عقول أبنائنا وشبابنا... فالحل هنا لمواجهة هذا الاغتصاب ليس الحجب والمنع، بل يأتى من خلال التركيز على تغذية الجذور – النشء- بكل ما يتماشى مع الفطرة السوية السليمة للإنسان، وبما يتناسب مع ثقافتنا ومعتقدتنا ومبادئنا وأخلاقنا وديننا، لينتج عنه جذور قوية أصيلة لا تتأثر بأى عواصف أو تيارات.