فتح المساجد.. وحفظ النفس

لاشك أن التعلق ببيوت الله والصلاة فيها من سمات الإيمان، إلا أن حفظ النفس يعد من مقاصد الشرع، ولذلك استطاعت الأوقاف عقب إعلان فتح المساجد أن تجعل هناك توازنا بين التعلق ببيوت الله وبين تحقيق مقصد حفظ النفس من خلال عدد من الضوابط الحاكمة التى تحكم عمل المساجد. وقد يرى البعض أن تعليق إقامة صلاة الجمعة لحين إشعار آخر رغم فتح المساجد أمر غريب إلا أن هذا لاتعليق يستهدف تقليل الأعداد قدر المستطاع فى التجمع للصلاة حيث لاتزال هناك خطورة من التجمعات لانتشار المرض، ولذلك رأينا قرار المملكة العربية السعودية بقصر الحج والذى هو شعيرة سنوية على عدد محدود من داخل المملكة، وعدم استقبال أى وفود للحج .. الأمر الذى يتضح معه انه لايزال هناك خطر يتطلب الحظر حتى فى أداء العبادات. الأوقاف المصرية لم تقرر مع فتح المساجد تعليق صلاة الجمعة فحسب بل قررت أيضا عدم فتح دورات المياه نهائيًّا، وغلقها غلقًا تامًا، وعدم فتح دور المناسبات نهائيًّا وعدم السماح بدخول الجنائز أو صلاة الجنازة، أو عقد القران أو أى مناسبات اجتماعية، وكذلك عدم فتح أى أضرحة أو مقامات نهائيًّا أو فتح الأبواب المؤدية إليها، وذلك لمنع انتشار العدوى. إن الضوابط التى وضعتها وزارة الأوقاف لاستئناف فتح المساجد يتطلب فى المقام الأول الوعى والالتزام من قبل المصلين، والضمير من قبل الإمام والعمال المسئولين عن المسجد، حيث إن الأصل أن ينبع الالتزام من ضمير الإنسان وليس لمجرد الخوف من العقاب. إن أئمة المساجد عليهم عبء كبير فى الفترة المقبلة لاسيما وان هناك شغفا كبيرا من المصلين للعودة إلى المساجد، وقد يجدون صعوبة فى تحديد الأعداد داخل المسجد، حيث تتطلب الصلاة فى زمن الكورونا التباعد فى صلاة الجماعة الالتزام بضرورة ارتداء المصلين للكمامة، واصطحاب المصلِّى للمصلَّى الشخصى (سجادة صلاة شخصية)، وهو أمر بحاجة إلى نشر رسائل وعى قصيرة بين الناس قبل كل صلاة إلى أن تقام الصلاة حتى يتفهم الناس حقيقة الوضع. ولفتت الأوقاف إلى أن الفتح فى المرحلة الأولى سيكون للمساجد التى بها إمام، أو تحت إشراف أحد خطباء المكافأة، وتحت مسئولية اثنين من العاملين بالأوقاف سواء إماما وعاملا، أم خطيب مكافأة وعاملا، أم مقيم شعائر وعاملا، أم مؤذنا وعاملا، أم مفتشا وعاملا، أم مدير إدارة وعاملا، أم رئيس قسم وعاملا، ليكونوا مسئولين عن الالتزام بجميع الإجراءات.  وكلمة حق ينبغى أن نعيها قبل فتح المساجد غدا هو أن الالتزام بضوابط الأوقاف يضمن حفظ النفس بين المصلين ودوام فتح المساجد، والتوسع فى ذلك لاسيما وان الأوقاف أعلنت أنه فى حالة عدم التزام المصلين بالضوابط يتم غلق المسجد فورًا وعدم فتحه لحين انتهاء زوال فيروس كورونا، وإحالة أى مخالف إلى لجنة القيم بالقطاع الدينى.