الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 12

لغة الجينات 12

«لأ» أحيانا بتكون أشرف كلمة ممكن تقولها .. فى الظاهر حرفين..وكلمة فى منتهى البساطة .. لكن فى الباطن مش أى حد ممكن يقول «لأ».



«لأ»  كلمة لا يقدر عليها إلا أصحاب الجينات الأصلية.. الناس اللى جيناتهم بتحمل النور والحق والخير والعدل ..  فى الظاهر «لأ « عندهم رفض للإغراءات مهما كانت ... وفى الباطن هم مخلصون لجيناتهم وبيفضلوا يعيشوا بطبيعتهم دون تكلف أو مظاهر كدابة. «لأ» فى الظاهر عند من يملكون الجينات الأصلية نابعة من مثل بسيط يقول «لا يجب أن تقول كل ماتعرف ولكن يجب أن تعرف كل ماتقول».. و فى الباطن هى شعاع بيهدى.. ويد بتبنى.. وطوق نجاة .

«لأ» أصعب كلمة على  صاحب الجينات الخبيثة من عشاق الحياة  فى الظلام .. فى الظاهر  لايريد تحمل عبء اتخاذ موقف .. لايعطى رأيا واضحا فى أى شىء ..بيرفع راية إرضاء كل الناس  ..وفى الباطن بيخطط  للفوز بكل المكاسب القادمة .

«لأ» هى الكلمة الأنسب اللى ممكن تلخص  بها حياة  الفنان الكبير الراحل عبدالله غيث .. من بداية حياته «لأ» حاضرة فى كل مواقفه.. فى الظاهر شاب ثرى كل رغباته مجابة.. وفى الباطن جيناته الأصلية المحبة للخير والعدل كانت بتدفعه دفعا نحو كلمة «لأ» فى الوقت المناسب.

«لأ» الأولى قالها عبدالله غيث  للتعليم.. فى الظاهر بيحاول يكمل دراسته لإرضاء والده ابن الأسرة  الثرية والقادم من لندن بعد دراسة الطب والذى ورث منصب عمدة  «كفر شلشلمون» بمحافظة الشرقية.. وفى الباطن لا يستطيع مقاومة حبه للفن فبيهرب من المدرسة لمشاهدة العروض المسرحية الصباحية ويدخل السينما فى المدينة الصغيرة القريبة من قريتهم. فى الظاهر بيكمل بصعوبة حتى الحصول على الثانوية العامة.. وفى الباطن قلبه مشغول بالفن والأرض والزراعة وحب الجمال والخضرة فبيعلن أول «لأ».. مش هكمل تعليمى وهشتغل فى الأرض .

الأب الطبيب المثقف بيوافق فورا .. فجيناته الأصلية أيضا دفعته لهجرة الطب والتفرغ للأرض حيث الخير والنور... وفعلا بيشتغل فى الأرض لسنوات.. وبعدها يلتحق بمعهد الفنون المسرحية ليكمل حلمه.

«لأ» الثانية قالها عبدالله غيث الذى لم يكمل  الثامنة عشرة لكل الإغراءات المتاحة فى الظاهر  لشاب فى عمره..  ثرى ومن أسرة كبيرة وأصحاب الجينات الخبيثة وأصدقاء السوء يمكن أن يلتفوا حوله ويجذبوه للظلام الأبدى .. وفى الباطن قرر الزواج بابنة خالته والتى عاش معها فى النور  حياته كاملة.. وحتى رحيله فى الـ 63 من عمره .

«لأ» الثالثة قالها ببساطة شديدة للنجم العالمى أنتونى كوين.. وقتها، اختاره المخرج السورى العالمى مصطفى العقاد للمشاركة فى بطولة فيلم «الرسالة»، لتجسيد شخصية حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم،  فى النسخة العربى وهو نفس الدور الذى أداه «أنتونى كوين» فى النسخة الإنجليزية .

النجم العالمى «أنتونى كوين»  شاهد أداء عبدالله غيث وأصابه الذهول من موهبته الكبيرة .. وقال له : «أنت أفضل منى وموهبتك أكبر.. لو ذهبت إلى أوروبا أو أمريكا سيكون لك شأن آخر». فى الظاهر عبدالله غيث قال «لأ» لأنه لا يحب الحياة فى الخارج .. لكن فى الباطن كان السر فى جيناته الأصلية وبساطته وإنسانيته وحرصه على التواجد فى قريته طوال الوقت،  واستكمال مسيرة الأسرة فى خدمة الناس.. فوقتها كان قد تولى منصب عمدة القرية خلفا لوالده.

   «لأ» الرابعة قالها فجأة أثناء تصوير آخر أعماله «ذئاب الجبل» .. وعلى غير عادته طلب إجازة من التصوير .. فى الظاهر قال محتاج أرتاح.. وفى الباطن شعر بحنين شديد نحو زيارة سيدنا الحسين .

أخد الإجازة وذهب إلى الجامع الأزهر صلى الظهر.. وتوجه لزيارة مسجد سيدنا الحسين.. جلس ساعات طويلة فى المسجد.. صلى وبكى.. وهناك بدأ يشعر بآلام شديدة فتوجه إلى المستشفى وظل بها 18 يوما يعانى من سرطان الرئة والذى كان فى مراحله الأخيرة. «لأ» الأخيرة قالها بإباء شديد الراحل الكبير عبدالله غيث .. عندما أرسل له العقيد معمر القذافى فور علمه بمرضه... وفدًا لزيارته، وأخبروه أن القائد الليبى معجب بدوره فى فيلم «الرسالة» ومستعد لتحمل نفقات  علاجه فى أى مكان بالعالم، ونقله عن طريق طائرة خاصة لإنقاذ حياته.

فى الظاهر تحجج عبدالله غيث بحالته المتأخرة التى لا تسمح بنقله لأى مكان .. وفى الباطن جيناته الأصيلة كانت  ترفض أن يكون لأحد فضل عليه .

ألم أقل لكم إن «لأ» لا يقدر عليها إلا أصحاب الجينات الأصلية العاشقين للخير والنور.. أما أصحاب الجينات الخبيثة عديمى الرأى فى أى شىء. .. فهم عدد زائد، تابعون دائما.. جبناء  يعيشون بلا كبرياء.. بلا كرامة ..ومع أول فرصة ومنصب كبير.. يتحولون إلى جبابرة  ينشرون الظلم  والظلام فى كل مكان.