الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
برنامج التشغيل الآلى

برنامج التشغيل الآلى

نعرف أن الطائرات الحديثة بها خاصية الطيار الآلي Auto Pilot وهو عبارة عن برنامج معقد يقوم بقراءة جميع القياسات الخاصة بالطائرة وإعطاء أوامر أيضًا.. الطيار الآلى يهتم بالأوضاع الخطرة ويستطيع أيضًا أن يؤدى بصورة أفضل من الطيار البشرى ويستهلك وقودًا أقل بكثير فى مراحل كثيرة من مراحل الطيران...للعلم الطيار الآلى لا يقتصر على الطائرات فقط بل يستخدم فى السفن البحرية والفضائية أيضًا.



نأتى إلى السؤال المرتبط بباقى مناحى الحياة.. هل بها خاصية مشابهة؟...أن نتصرف بصورة ميكانيكية بدون تفكير؟.. تأتى الإجابة السريعة بأننا نفعل هذا فى الكثير من الأحوال و لكن بصورة خطيرة وضارة فى أحيان كثيرة.

يشير المذيع الأمريكى الشهير لارى كينج فى كتابه «كيف تتحدث إلى أي شخص فى أي وقت وأى مكان» إلى أن الناس لا ينصتون تقريبًا.. الكل يريد أن يتكلم ويريد من الآخرين أن يتحولوا إلى آذان كبيرة لاستيعاب ما يقولون.. يشير إلى تجربة مرتبطة بذلك حيث قام أحد الأصدقاء بالاتصال بالتليفون.. بدأ الاتصال بالسؤال عن الأحوال والصحة...عندما أجابه صديقه أن صحته ليست على ما يرام و أنه مصاب بالسرطان.. لم يزد المتصل عن القول «لا بأس» ثم استطرد فى الحديث سبب المكالمة كأن الأمر الذى سمعه لتوه هو أمر بسيط.. يحلل لارى كينج الأمر بأن الشخص المتصل لم يسمع الإجابة عن سؤاله لأنه مشغول جدًا بما يريد أن يقوله.. إنه مبرمج ليقول و يتحدث لا ليتفاعل مع ما يسمعه من الطرف الآخر.

تتحدث الين لانجر عن تجربة تمت فى إحدى المكتبات العامة حيث يقوم أحدهم بالتوجه إلى ماكينة تصوير المستندات وقبل أن يبدأ فى استخدامها يأتيه أحد المشاركين فى التجربة ويطلب منه أن يسمح له بتصوير عدد من الأوراق.. تمت التجربة عدد كبير من المرات.. اخذ السؤال ثلاث صيغ مختلفة.. الصيغة الأولى: عفوًا لدى خمس صفحات.. هل يمكننى استخدام ماكينة التصوير؟.. الصيغة الثانية: عفوًا لدى خمس صفحات..هل يمكننى استخدام ماكينة التصوير لأننى فى عجلة من أمرى؟.. الصيغة الثالثة: عفوًا لدى خمس صفحات.. هل يمكننى استخدام ماكينة التصوير لأننى يجب أن أحصل على عدد من النسخ؟.

الطلب الأول لا يقدم سببًا والطلب الثانى به سبب مقنع أما الطلب الثالث فيحمل سببًا غريبًا وغير مقنع على الإطلاق بل إنه لا يشكل أى نوع من أنواع الإضافة على الإطلاق.

الغريب أن السؤال بأشكاله الثلاثة سمح بنسب موافقة على التصوير كانت 60% للطلب الأو ل وكانت فى حدود 93% وتقريبًا نفس النسبة للطلبين الثانى والثالث.. أى أن مجرد وجود مبرر حتى وإن كان غير منطقى أو  لم يقم بإضافة أى جديد فقد سمح ذلك بزيادة النسبة و قبول عدد أكبر من الأشخاص لعملية التصوير محل الطلب.

والمعنى أننا نستجيب للطلب إذا وجدنا سببا بغض النظر عن منطقية السبب وهو أمر يحدث لأننا ببساطة لا نركز بالقدر الكافى فى الكلمات و معانيها.

الأمثلة السابقة بسيطة ولكن يمكن لكل منا أن يسرد عشرات المواقف التى يكون حاضرًا فيها بجسده ولكن بلا تركيز حقيقى فيما يقال.. نظام التشغيل الآلى قد يجعل البعض يتحرك فى المنزل من غرفة إلى أخرى ثم يتساءل «لماذا أنا هنا؟».. أو يرتدى ملابسه ويخرج من المنزل.. يقود سيارته لعدة أمتار قبل أن يتساءل «إلى أين أتوجه؟».. أو يشاهد لقاءً تليفزيونيًا أو يكون متواجدًا باجتماع أو  محاضرة عامة أو  حتى فى إحدى دور العبادة ثم بعد أن ينتهى اللقاء أو  تنتهى المحاضرة أو  الخطبة ويحاو ل أن يتذكر ماذا كان يقول المتحدث أو  ماذا يقصد فلا يستطيع. تغريدة: ماقل و كفى خير مما كثر و ألهى.