الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أنا ومن بعدى الكورونا

أنا ومن بعدى الكورونا

يبدو أن مقولة مدام دى بومبادور عشيقة ملك فرنسا لويس الخامس عشر-أنا ومن بعدى الطوفان- والتى قيلت بعد معركة روسباخ وتلك المعركة التى منى فيها الفرنسيون بخسائر فادحة... أحيانا تنسب المقولة إلى الملك لويس الخامس عشر نفسه فى نفس السياق.. إنه طالما هو بخير فلا شىء يهم وإن جاء الطوفان بعد وفاته فلا شىء يهم أيضًا... عبارة تقال لرفع المعنويات بالرغم من ما تنطوى عليه من نذالة شديدة وأنانية كبيرة. تأتى بعض تقديرات الخبراء لتؤكد على فكرة أن العالم ما بعد كورونا سيتميز بالمزيد من الأنانية والفردية... تشكيل مختلف للنظام العالمى تحكمه الفردية والأنانية أكثر من الشكل الحالى والذى يوجد به قدر من التكتل والتحالف بين بعض الدول والقوى....البعض يعطي  إشارات إلى أن آثار كورونا قد تستمر لسنوات كثيرة قادمة... لا لسنة أو حتى لعقد من الزمان.... ستنشغل كل دولة بنفسها وسيظهر هذا جليا فى الفترة المقبلة بحدة وخاصة بعد إنتاج المصل ... الاستحواذ عليه من قبل الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية سيكون ظاهرا... بمعدل إنتاج يصل إلى 750 الف عبوة سنويا امام عالم به 7 مليارات نسمة سيجعل الولايات المتحدة تقوم بتغطية احتياجات شعبها أولا... ذلك الذى يصل إلى نحو 329 مليون شخص...ثم تأتى باقى الدول تباعا.... شىء مماثل سيحدث فى الأمور الاقتصادية والسياسية الأخرى... الكل سيبحث عن اساليب لإنعاش اقتصاده... تقليل نسب البطالة...محاولة زيادة معدلات النمو.... كلها أمور تحدث من خلال زيادة مساحات الفردية والاستقلالية على حساب العمل الجماعى والتحالفات بين الدول. تم تشبيه الأزمة الحالية بحالة شخص أصيب فى حادث سيارة... عظام متكسرة...ارتجاج فى المخ... غيبوبة... نزيف داخلى... توقف لجميع أعضاء الجسم....مقارنة بالأزمة العالمية فى 2008... تلك التى يمكن أن توصف بأنها أزمة قلبية لشخص يتمتع بجسم سليم  حيث تعمل باقى أعضاء جسده بكفاءة... العلاج فى الحالة الثانية أسهل وأبسط... عملية لتوسيع شرايين القلب أو تركيب دعامات ثم يعود الشخص إلى سابق عهده من العمل والنشاط والحركة.



الموقف مع الكورونا يختلف... الشخص يحتاج إلى التدخل لإسعاف كل أعضاء جسده.... الظاهرة والداخلية وهى عملية فى غاية التعقيد.... الدكتور إبراهيم بدران رحمة الله عليه كان كثيرًا ما يقول إن المصاب فى حادث سيارة ويتم نقله إلى الطوارئ فإن أول ما يجب على الطبيب عمله هو الحفاظ على حياته... ثم الحفاظ على عمل أجهزته... ثم يأتى فى آخر القائمة الأمور المرتبطة بالاهتمام بشكله وعلامات الجروح... تلك الأمور المرتبطة بالتجميل... تلك الإجراءات التى لا يمكن البدء بها على الإطلاق.

وهناك سؤال يتكرر... ما الروشتة المطلوبة لإنعاش الاقتصاد... وبالرغم من أن العلاج يختلف من  دولة لأخرى ومن ظروف اقتصاد لآخر الا أن بعض الأمور المهمة والعامة يجب الاهتمام بها فى أى اقتصاد يتعرض لتلك المحنة... أربعة أمور أساسية وهى... زيادة الإنفاق العام...تخفيض سعر الفائدة... سعر الصرف...شبكات الضمان الاجتماعى.

على الجانب الآخر يرى بعض المحللين أن النظام العالمى الجديد سيتميز بالمزيد من التعاون والتكاتف والتنسيق ببساطة شديدة لأن العالم متشابك ومترابط بصورة غير مسبوقة سواء على المستوى الملموس أو على المستوى الافتراضى وهو العالم الجديد المرتبط بالشبكات والأنظمة الرقمية.... بالطبع ما بين هذين الاتجاهين نجد رأيا وسطا يتحدث عن بعض الفردية وبعض التعاون وهو الرأى الأقرب لما سيحدث بالفعل.