الليالى العشر

يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم (وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ) والليالى العشر هى عشر ذى الحجة خصها الله عز وجل بالذكر.. قال ابن حجر: «والسبب فى امتياز عشر ذى الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك فى غيرها». 

وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ» -يعنى أيام العشرـ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ولا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ: «وَلا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، إَلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، فالأعمال الصالحة فى عشر ذى الحجة يضاعف ثوابها من غير استثناء شيءٍ منها.

والمسلم فى تلك الأيام والليالى العشر لابد  وأن يقف  وقفة متأنية  مع نفسه  لاسيما  فى هذا الوقت الذى نواجه فيه وباء كورونا، وظروف منعت الناس من أداء الفريضة الكبرى الحج، فما وقع بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، فلابد أن يلتزم المسلم فى تلك الأيام بالتوبة، والاستغفار.

كما علينا أن نكثر  من التكافل والتراحم اللذين يمثلان روح الإسلام، والتى تتمثل فى اعظم صورها فى الصدقة، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ «.

وفى تلك الأيام العشر يأتى يوم عرفة الذى يعد من أفضل أيام الله على عباده ففيه تقبل الدعوات، ويقف الحجيج ملبين للمولى عز وجل راجين مغفرته ورضوانه، ولقد اتّفق الفقهاء جميعاً على استحباب صيام يوم عرفة، ولم يقل أحدٌ منهم بخِلاف ذلك، وصيامه أفضل من صيام غيره من الأيّام باستثناء صيام فريضة رمضان، ولصيامه فضل عظيم يترتّب عليه؛ فهو يُوجِب مغفرة الله -تعالى- للعبد ذنوب سنة قبله وسنة بعده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتى بَعْدَهُ).

ويُستحَبّ فى هذا اليوم الإكثار من الأعمال الصالحة، كالحرص على أداء النوافل، والإكثار من ذِكر الله -تعالى-، ومن الصدقة فى سبيل الله -تعالى-، وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فضل العمل الصالح فى هذه الأيّام؛ فقال: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ فى سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ولا الجِهادُ فى سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ)، وفقنا الله واياكم إلى طاعته والفوز بثواب هذه الأيام المباركة وفضل يوم عرفة.