الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإخوان لثورة ٢٣ يوليو «نؤيدكم ولكننا أوصياء»

الإخوان لثورة ٢٣ يوليو «نؤيدكم ولكننا أوصياء»

عندما أيد الاخوان المسلمون الضباط الأحرار فى القيام بثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، كانوا يتصورون أن هذه الثورة قامت لحسابهم وأنهم سوف يحققون من خلالها التغيير المنشود وتحقيق أهدافهم الخبيثة و البروباجندا المعهودة منهم، ففى أول أغسطس ١٩٥٢ ‏سارعوا إلى إصدار بيان هاجموا فيه الحياة النيابية السابقة هجوماً شديدا وأعلنوا أن التجارب الدستورية التى سلفت دون استثناء لم تعد نيابة صالحة ولا تمثيلاً صحيحاً، ‏وأن الحياة البرلمانية فى كافة العهود الحزبية انتهت إلى أن أصبحت أداة تعطى شهوات الحكام ومظالم السلطان صيغة قانونية، ‏ومع أنهم طالبوا بإلغاء الأحكام العرفية وسائر القوانين الرجعية المنافية للحريات إلا أنهم اعتبروا دستور 1923 لا وجود له من ناحية الواقع ولا من ناحية الفقه وطالبوا بإسقاطه والمسارعة بعقد جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد، وبعد أسبوع واحد من هذا البيان، قام سيد قطب بتوجيه رسالة أخرى فى جريدة الاخبار الى اللواء محمد نجيب يطالبه بإقامة ‏دكتاتورية عادلة نظيفة وقصر الحرية السياسية على الشرفاء فقط وكانت حجته أن الشعب قد تحمل ديكتاتورية طاغية باغية شريرة مريضة مدة 15 عاما أو تزيد، وتناسى سيد قطب دور الإخوان فى التحالف مع تلك الدكتاتورية الطاغية الشريرة المريضة، والغريب فى الأمر أن سيد قطب ‏اعتبر الشيوعيين من الشرفاء فى ذلك الحين، ففى مؤتمر الإخوان المسلمين الصحفى بشأن المسجونين السياسيين، طلب للشيوعيين الحرية كغيرهم ممن كانوا يكافحون الطغيان ووصفهم بأنهم من الشرفاء الذى ينبغى أن نقنعهم الرأى بالرأى والحجة بالحجة ولا نلقاهم بالحديد والنار، ولكن الأغرب أنه بعد ثلاثة أيام من هذا التصريح تغير رأيه فى الشيوعيين بعد حوادث كفر الدوار والذى سرعان ما ألصقها قطب فى الشيوعيين دون تحقيق وبرر تصريحة الأخير بقوله ( كم يخطئ الانسان فى تقدير مدى الدنس الكامن فى بعض قلوب الناس ) .  ‏ولكن لم يمض وقت طويل حتى تبينت الجماعة أن الثورة لا تنوى أن تنظر إلى جيوبهم او تخضع لهيمنتهم فعند ظهور مشروع الإصلاح الزراعى والذى حددته الثورة للحد الأقصي٢٠٠ فدان وكان يريدها الاخوان ٥٠٠ فدان،  ولكن طلبهم رُفض، فصرح الهضيبى - مرشدهم الثانى ‏انه هو وجماعته لا يقومون بتأييد الثورة الا بعد عرض الامور التى تتخذها الثورة عليه قبل إقرارها، ولكن الرئيس الراحل عبدالناصر رد: بأن هذا يُعنى وضع الثورة تحت وصاية الجماعة وأنه يقبل التشاور فى السياسة العامة مع كل أهل الرأى دون التقيد بهيئة من الهيئات.  ‏وبعد اعلان حكومة الثورة ‏بسقوط دستور 1923 وقانون حل الأحزاب، واعتبار التدابير التى أخذتها رئيس الحركة الجيش من أعمال السيادة العليا، ‏وافقت جماعة الإخوان المسلمين على كل تلك القرارات لأنها كانت تسير وفق مصلحتهم فى التخلص من اعدائهم القدماء الوفديين والشيوعيين وقد اعتبرت الجماعة السنوات الثلاث لدستور الانتقال فترة معقولة لعمل الإجراءات التطويرية اللازمة قبل الوصول إلى أوضاع برلمانية سليمة ونظيفة، وكان اكبر ما يهم الإخوان فى هذه الإجراءات أنها تترك لهم الساحة مرة أخرى لفرض شروطهم على الثورة مقابل التأييد، فعرضوا على الرئيس عبدالناصر تكوين لجنة من الاخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليها ... ولكن جاء رد عبدالناصر للمرة الثانية بالرفض مستنكرا ً تكرار هذا المطلب.  وفى فترة الصراع بين الثورة والإنجليز، قامت الجماعة الارهابية بإجراء تفاوضات مع الإنجليز فى الخفاء باعتبارها هى القوة السياسية الوحيدة الباقية فى مصر وفى نفس الوقت أظهرت لعبدالناصر أنها هى قوته المساندة له فى تفاوضه مع الإنجليز،  فوافقت على بقاء خبراء إنجليز فى قاعدة قناة السويس وحق عودة القوات ‏البريطانية إلى القناة واستخدام القاعدة فى حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أى بلد يكون طرفاً فى معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية .  ‏وقد أدرك الإنجليز أن الإخوان ليسوا بالتطرف الذى كانوا يخشون، فقد قبلوا التحالف معهم، فهم أكثر اعتدالاً من الوفد الذى ألغى معاهدة 1936.  ‏وكان الإخوان يسعون فى الحقيقة إلى ترك هذا الانطباع لدى الإنجليز، وإقناعهم بمزايا التعامل مع الاخوان وقد عبر الهضيبى عن ذلك صراحهً قائلا ً( ‏أنا على ثقة من أن الغرب سيقتنع بمزايا الإخوان المسلمين و سيكف عن اعتبارهم شبحاً مفزعاً كما حاول البعض إن يصورهم).. ‏ولكن إقامة الحكومة الإسلامية كان الهدف الأسمى للإخوان المسلمين وكانوا على استعداد لتقديم كثير من التضحيات فى سبيل الوصول إليه بدليل أنا نفس قيادة الإخوان رفضت معاهدة الجلاء التى ابرمها عبد الناصر رغم موافقتهم على أسسها من قبل  ما أشبة اليوم بالبارحة .... ولعنة الله على الظالمين.