الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العتبة الخضراء

العتبة الخضراء

فى كل مرة يتم إذاعة فيلم «العتبة الخضراء» للرائع إسماعيل ياسين والقدير أحمد مظهر أحرص على الا يفوتنى مشاهد عدة وأغان رائعة... من المشاهد الضاحكة مشهد قيام المطافئ والشرطة والبريد بدفع الإيجار لأحمد مظهر ثم قيامه ببيع العتبة الخضراء لإسماعيل ياسين الذى يقوم فى مشهد فكاهى بقياس «املاكه» من أمام المطافئ الرئيسية بميدان العتبة.... لا ينتهى العبث عند هذا الحد بل يحاول إسماعيل ياسين أن يكون حويطًا فيبادر أحمد مظهر بسؤال عن سبب عرضه العتبة للبيع فيبادره قائلا: بأنه سيقوم بشراء الهرم... وحتى بعد أن يتم القبض عليه فى نهاية الفيلم الا أن إسماعيل ياسين يصرح برغبته فى شراء السكة الحديد فيلتفت إليه أحمد مظهر واعدًا إياه بأن يساعده بعد خروجه من السجن على شرائها برخص التراب....الفيلم إنتاج 1959 أى فى وقت كانت الدول تسيطر على كل الخدمات تقريبًا... بالطبع الوضع تغير فيما بعد وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتى ودخول القطاع الخاص لشراء بعض من تلك الخدمات مثل بعض خدمات النقل والبريد وخلافه... على أي حال ليس هذا موضوع المقال فموضوع المقال مرتبط باختراق حسابات توتير لعدد من الشخصيات العامة والشهيرة فى مجال السياسة والأعمال.



هذا الاختراق سمح للمخترقين بإرسال رسائل إلى الملايين من متابعى هؤلاء المشاهير مع رجاء بإرسال مبالغ مالية فى صورة عملات رقمية  مع وعد بإرسال ضعفها بعد عدة أيام... بالطبع الثقة كانت لأن تلك الرسائل تم إرسالها من حسابات موثقة أى أنها لأصحابها الفعليين-العلامة الزرقاء موجودة بجوار الاسم- وهو الأمر الذى أعطى هذه الرسائل مصداقية لدى المتلقى.... تلك المصداقية التى سمحت للمخترق من جمع نحو 120 ألف دولار قبل أن يتم اكتشاف الخدعة.

بالطبع لم تصرح الشركة بالأسلوب الذى تم به الاختراق بالتفصيل ولكن فى بيان مقتضب أشارت إلى أن الاختراق تم من خلال استخدام عدد من حسابات بعض العاملين فى الشركة من قبل المخترقين والذى مكنهم من الدخول الى داخل الشركة والعبث بحسابات المستخدمين... حدث هذا ببساطة لأن هؤلاء العاملين لديهم إمكانية الدخول من خلال شبكة الانترنت إلى داخل شبكة الشركة والدخول إلى تلك المنطقة الحساسة من الأنظمة التى تسمح بتعديل بيانات وحسابات المستخدمين. أشارت الشركة إلى أنه قد تم استخدام بعض تقنيات الهندسة الاجتماعية Social Engineering  مع هؤلاء الموظفين مما سمح للمخترقين من الوصول إلى داخل الشركة.

تلك الآليات تشبه ما حدث فى الفيلم عندما قام أحدهم بالتحدث تليفونيًا مع إسماعيل ياسين مدعيًا أنه كومندان المطافئ ويرجوه فى الصبر على دفع الايجار عدة أيام لأن الحرائق قليلة فى هذا الشهر ثم قيام شخص آخر بارتداء الملابس الشرطية والدخول عليه فى المكتب طالبا مقابلة أحمد مظهر لإعطائه الإيجار السنوى لقسم الشرطة ثم يأتى ثالث ويدعى أنه من مصلحة البريد ويقوم بالفعل بدفع مبلغ كبير لأحمد مظهر كإيجار لمبنى «البوسطة».

أمر مشابه حدث مع موظفى توتير...ربما وجد أحدهم «فلاشة» على الأرض ولم يعرف صاحبها ثم دفعه حب الاستطلاع لمعرفة محتوياتها ومن ثم وضعها فى جهازه وفى ثوان معدودة انتشرت برمجيات خبيثة فى الجهاز تمكن المخترق من السيطرة التامة عليه.... ربما عرف أحدهم أن هذا الموظف أو ذاك يتناول قهوة الصباح فى مقهى معين ويقوم بالدخول على شبكة الشركة من خلال الواى فاى المتاح بالمقهى.... الاحتمالات كثيرة جدًا وهذا لا يعفى الشركة من اللوم لأنها ببساطة لم تقم بعمل إجراءات كافية للتشديد على الدخول من خارج الشركة أو ربما لأنها سمحت أصلا لتلك البيانات بالوجود على خوادم متصلة بشبكة الإنترنت دون رقابة كافية. وفى كل الأحوال لم تقم بتدريب العاملين لديهم على أساسيات الهندسة الاجتماعية وسبل الوقاية من الوقوع فى هذه الفخاخ. تغريدة: «يا مثبت العقل»