الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تلغرافيًا...تليفونيًا

تلغرافيًا...تليفونيًا

فقدت خدمة التلغراف قيمتها ورونقها والاحتياج إليها مع التشعب والانتشار التدريجى للخدمات الإلكترونية فى عصر المعلومات... البداية كانت فى عام 1753 عندما عرض أحد الكتاب تنفيذ هذه الفكرة بأن يتم عمل جهاز يتكون من مجموعة من الأسلاك بعدد الحروف الأبجدية أى سلك لكل حرف ثم تطورت الفكرة فيما بعد بداية من العام 1800 من خلال مجموعات من المبتكرين الذين قاموا بتجارب محدودة بعضها كان بين غرفتين فى نفس المنزل وصولا إلى ما طوره العالم صمويل مورس فيما يطلق عليه إشارات مورس خلال عام 1844 والتى كانت مجموعة من الأكواد –نقطة وشرطة- للتعبير عن الحروف والأرقام وهى التى استخدمت بعد ذلك على نطاق واسع فى إرسال الرسائل النصية بين شرق وغرب الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 1861 ثم انتشرت فى العالم كله ولك عزيزى القارئ أن تلاحظ كم استغرق الأمر من سنوات لتطوير الفكرة ووضعها موضع التنفيذ الفعلى ثم انتشارها على مستوى دول العالم المختلفة...مقارنة ذلك بانتشار شبكة الإنترنت ويليها الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعى وتطبيقاتها المختلفة...اختصار عشرات السنين إلى شهور قليلة.



منذ عدة أيام مررت بجوار لوحة الإعلانات بمقر العمل...وجدت عددا من الملصقات للإبلاغ عن وفاة أقارب بعض الزملاء...مفهوم أنه لا يتم عمل عزاء نظرا للظروف الراهنة المرتبطة بالإجراءات الاحترازية لمكافحة تفشى وباء كورونا ولكن الملفت للنظر أيضا هواختفاء كلمة «تلغرافيا» من تلك الملصقات حيث تم استبدالها بكلمة «تليفونيا» مع وضع أرقام تليفون للهواتف المحمولة-لا يوجد أرقام لأى خطوط أرضية-وعليه فإن تقديم واجب العزاء سيكون بالاتصال التليفونى أو من خلال إرسال رسالة قصيرة أومن خلال تطبيق الواتساب.

 تراجع الإقبال على تلك الخدمة من خلال مكاتب البريد حول العالم تماما مثلما تراجعت خدمات ارسال الخطابات الورقية إلا فى اضيق الحدود.... وصل الامر إلى اصدار تطبيق يشابه الواتساب يحمل نفس الاسم Telegram... ربما لا يعرف عدد كبير من الجيل الجديد ما هو تاريخ هذا الاسم ولماذا سمى هذا التطبيق به... تماما مثلما تضع طفلا صغيرا مع تليفون أرضى فى مكان واحد وتراقب كيف يتعامل معه ويحاول استكشافه كأنه يرى كائنا فضائيا.

لم يكن هذا هوالشيء الوحيد اللافت للانتباه فى هذا اليوم حيث قمت ليلا بمحاولة تطبيق النصيحة التى اقدمها للجميع... ان نحاول ممارسة رياضة المشى يوميا لمدة نصف ساعة وهوالامر الذى منحنى مساحة للتعرف على شكل الشارع ماشيا وليس قائدا لسيارة...هالنى كم الكلاب الضالة المخيف وردة فعل الاطفال حيال هجومها عليهم...فكرت فى الحلول لهذه الأزمة واصطدم تفكيرى بجمعيات الرفق بالحيوان التى لا تعير اهتماما لطفل يحتاج لزرع جزء من لحم الوجه جراء هجوم كلب مفترس عليه.

أثناء التجول ومع ارتفاع درجة الحرارة وجدت سيدة تجلس على الرصيف تقوم ببيع الذرة المشوية وهى أكلة كانت مفضلة فيما سبق قبل الشعور بالانتفاخ أوالخوف من تساقط الاسنان نتيجة قضمة سريعة متعجلة... وجدتها تطيل النظر فى شيء صغير فى يدها... اقتربت فوجدته تليفونا محمولا ذكيا...اقتربت اكثر فوجدتها تتصفح تطبيق الفيسبوك...بدأت التفكير فى هذا التحول الكبير...يوما ما قالت احدي شركات المحمول فى اعلان شهير لها بأن المحمول فى يد الجميع... شعرت وقتها بالسخرية من هذا التعبير واعتبرته «كلام إعلانات» الا انه وبعد اكثر من عشرين عامًا ثبت أنه قد أصبح كذلك بالفعل.

بدأت مجموعة اخرى من الأفكار تتداعى إلى ذهنى ...ترى ماذا تسمى نفسها على الفيسبوك؟...الذرة المشوى ...اميرة الأحلام...أم محمد..إلخ....فكرت ايضا كيف يمكن لها استغلال هذه الخاصية للتسويق والبيع لهذا المنتج البدائى اللذيذ....فكرت فى العودة مرة أخرى لهذا التطبيق ثم سرعان ما قاومت الفكرة واستمريت فى السير حتى وصلت إلى المنزل مجددا.