الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«لوك أوليفيه» رائد المدرسة الأكاديمية الرمزية

«لوك أوليفيه» رائد المدرسة الأكاديمية الرمزية

فى بعض الأحيان تصبح حركات التجديد أمثال الطليعية والحداثة وغيرها من المدارس التى تنبثق من فكرة التمرد على التقليدى والمحاكاة هذه الحركات تصبح ذات جوانب تدميرية خطيرة قد تذهب بنا إلى أبعد الحدود لدرجة إفساد الذوق وتحميل الفن مضامين متردية لا تحتمله هذا إلى جانب شق آخر شديد الأهمية وهو تضيع التقاليد الفنية العريقة والجور على الأكاديميات ومن ثم إغفال العديد من المعاصرين لهذه الحركات بحجة أنهم كلاسيكين أو يخالفون عرف التمرد احتراما منهم للتقاليد الأكاديمية وهكذا يتم إغفالهم بشكل متعمد وغير مقبول، ولو نظرنا إلى هؤلاء المحافظين على التقاليد الأكاديمية فى أوقات انتشار الحركات الطليعية لوجدنا أنهم طوروا فى مذاهبهم تطويرا أكثر قيمه ونفعا ورقيا من الخزعبلات الطليعية التى تموت بالسكته بعد أن يعافها المتلقى وتحن نفسه للفطرة فى أدراك المثل العليا للجمال التى يمثلها الفن الرصين، لكن علينا أن نلفت النظر أيضا أن هؤلاء الذين يتم نسيانهم فى فترات التخبط الفنى بحجة الحداثة مايلبثوا أن يعودو للحياه فى فترات الادراك والفهم الصحيح لماهية الفن وحدود تطويره. هذا يكون مدخلا بسيطا لعالم فنان ومطور وأستاذ من أساتذة جيله الفنان الكبير لوك أوليفيه ميرسون وهو فنان نستطيع أن نطلق عليه فنان الفكرة العميقة والفن من وجة نظر شمولية بحيث نجده مصمما وفنانا أكاديميا وفنانا نوعيا أيضا وهذا ما يجعلنا نؤكد أن ميرسون كان مدرسة قائمه بذاتها على الرغم من انتمائه الفعلى للإكاديمية واتجاهة المنطقى ناحية الرمزية لكن علينا أن نقول أن ميرسون كان فنان شامل يقوم بأداء دورة فى أى اتجاه يتحتم عليه العمل فيه والحقيقة أن زيارتنا لمرسمه منذ فترة قريبة فى أكاديمية الفنون الجميلة فى باريس واطلاعنا على أرشيف نادر لرسومات تحضرية جعلنا نؤكد أنه لم يكن غير أحد أهم رواد الفن التشكيلى فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين بل لا نبالغ إذا قلنا ان لوك أوليفية ميرسون كان الأفضل على الأطلاق لسببين أولها أن ميرسون لم يكن فنانا أكاديميا جامدا مثل العديد من رواد الأكاديمية بل لقد كان مرنا ومتوهجا بالموهبة لكنه يحب أن يضع موهبته داخل اطار يسمو بالفن وهذا هو دأب الأكاديمية والمدارس الكلاسيكية المتأخره وهذا ما جعله يحظى بنفس الشهرة بل والتقديس فى فرنسا وإيطاليا على السواء واللتان كانتا قد انفصلا بشكل كبير منذ القرن الثامن عشر فاحتفظت ايطاليا فى معظم طرحها الفنى بالأكاديمية كاتجاه عام وتاهت فرنسا فى دروب التطوير بشكل مطرد وسريع ومع ذلك كان ميرسون يحظى بنفس القبول فى روما وباريس على السواء لأنه كان مرنا فى تناوله للأدوات لكنه كان مطورا فى معالجاته للموضعات التى عالجها قبلة الكثيرين لكنه تفرد فى معالجاته كما عالج موضوعات لم يعالجها قبله أحد ومن ثم تماشى مع الرؤيا الباريسية والرؤيا الإيطالية . والسبب الثانى فى افتراضنا أن مرسون كان أهم رواد جيله على الأطلاق أنه تماشى وحاجات السوق الفنى من الناحية النوعية حيث قدم لنا مدرسة كاملة لأعمال نوعية هامة فقام بتصميم ورسم طوابع بريدية تُحسب ضمن أهم التصميمات فى حركة التصميم فى هذا المجال حيث صمم طوابع بريدية خاصة ببوسته موناكو كما قام بتصميم أشهر الطوابع التى تداولتها البوسته الفرنسية فى الأسكندرية بمصر على الأطلاق حتى أن التصميم الذى قدمه وتداول بشكل واسع بعد ذلك يحمل امضاءه كما يحمل كلمة تعريفة بالعربية وكانت العربية تظهر لأول مرة على طابع بريد فرنسى والأهم من ذلك أن لوك اوليفيه قام بتصميم مجموعة من العملات للبنك المركزى الفرنسى كانت نموذجا فى الجمال والأبداع. قلنا أن لوك أوليفيه ميرسون محسوب على المدرسة الأكاديمية الفرنسية بالتحديد لكنه أيضا يعتبر من الذين قامو بتدجين الأكاديمية بالرمزية فيما عرف بالأكاديمية الرمزية ويعتبر هو أبرز فنانيها لأنها تضم مجموعة قليلة بعد أن نستثنى من اتجه بشكل كامل نحو الرمزية الصرفة والبريرافيليتيس والحقيقة أن أهم ما يميزه من هذه الناحية هى موضوعاته التى طرحها فى لوحاته وهى تنقسم لقسمين القسم الأول موضوعات قديمة تناولها بشكل جديد مثل رحلة العائلة المقدسة والصلب والبشاره والعذراء تصل لبيت لحم وغيرها من الموضوعات الدراجة فى الفن التشكيلى.



ولم تكن الموضوعات ذات النزعة الدينية فقط هى التى راودت خيال مرسون والتى أنجز معظمها حينما كان مكلفا بالعمل فى بعض الأماكن الدينية فى روما لكنه أيضا طرق موضوعات تاريخية وأسطورية جديدة لعل أشهرها لوحته الرائعة والتى تعتبر فريدة فى موضوعها لوحة فليبيذيس عداء الماراثون وهى ذات موضوع تاريخى ملحمى وشهير  وهى من اللوحات التى تعدت قيمتها التقديرية ال100 مليون دولار. أما بالنسبة لمرسون كفنان باريسى فأن لوحته الشهيرة نوتردام والتى تصور أحد مشاهد رواية فكتور هوجو الشهيرة أحدب نوتردام تعتبر من الأعمال التى أججت شهرته بين العامة حيث أنها تتناول موضوعا أدبيا باريسيا صرفا وحيث يراها الكثيرين أنها ذات مغزى عادى فنحن نراها آية فى العبقرية والجمال لأنها من ناحية تبين لنا الطراز القوطى بكل دقة ووضوح.