الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
سياسة «حنفى» فى المزايدة والمكايدة

سياسة «حنفى» فى المزايدة والمكايدة

مذهل هو رد الفعل التركى الرسمى والقطرى «غير الرسمى» من الاتفاق الإماراتى – الإسرائيلى، وهو مثير للتعجب والاستغراب، كونه متعارضا جذريا مع سياسة كل دولة من الدولتين، بل ومتناقضا مع ما يمارسه قادة البلدين أو يصرحان به.



لا أفهم تصريح أردوغان ببحث سحب سفير بلاده من الإمارات احتجاجا على إعلان التفاهم والاتفاق بين الإمارات وإسرائيل إلا فى سياق التوصيف الدرامى الجميل «حنفى»، أى تلك التصريحات التى يطلقها الشخص وسرعان ما ينكص عنها ويعود أدراجه، فور أن تُكشر له زوجته عن أنيابها، ويُقسم أنه سيعود لكنه لن يتراجع المرة المقبلة، وهكذا تظل حياته كمسئول سياسى كلها فى سياق نظرية «حنفى». 

أنا غير معنى فى هذا المقال بالحديث عن الاتفاق أو تحليله، إنما ردود الفعل المُضحكة التى نتابعها هذه الأيام، وتنم عن مكايدة ومزايدة سياسية ليس أكثر، والتلاعب بمشاعر الناس لتحقيق مصالح ذاتية بحتة، وعلى كل حال هذا ليس غريبًا عن الإخوان الإرهابيين وقادتهم فى كل أنحاء العالم.

أردوغان هذا الذى أرغى وأزبد، هو ثانى بلد إسلامى فى العالم بعد إيران يعترف بإسرائيل ويقيم معها علاقات دبلوماسية، ومن وقتها وإسرائيل من الموردين  الرئيسيين للسلاح إلى تركيا، وبين البلدين إطار استراتيجى ينظم المصالح والعلاقات، وبينهما تدريبات عسكرية مشتركة برية وبحرية وجوية، وأردوغان هو الذى زار القدس رسميا والتقى رئيس وزرائها آنذاك شارون، وهو صاحب التاريخ الطويل من العلاقات مع رموز وقادة إسرائيل المتتالين. تركيا عضو مهم جدا فى حلف الناتو، ولها دورها فى خريطة الانتشار العالمى للحلف، ومُكلفة بمهام أساسية حسب الخطط الموضوغة للتعامل مع الأحداث فى العالم، وهى بحكم كل ذلك لا تستطيع أن تخرج فعليا عن التزاماتها، والتى فى جزء منها حماية إسرائيل من أى تهديدات، باعتبار إسرائيل أيضا الحليف الأساسى للولايات المتحدة، ولا تقبل أى دولة أوروبية المساس بها أو تهديدها.

لكل هذه الأسباب فإن ما صرح به «حنفى» أو أردوغان – سمه كما شئت – لا يخرج عن باب المكايدة والمزايدة السياسية، للإيحاء أو الإيهام، بأنه ضد إسرائيل ومع المصالح الفلسطينية، ومناصر للقضية، وهى كلها شعارات مضحكة، كوننا شهدنا جميعا تحركات تركية متعنتة ومتنوعة تحت شعار الدفاع عن المصالح فى العديد من بلدان العالم، ولم يكن من بينها أبدا فى مواجهة إسرائيل أو دعما للشعب الفلسطينى، أو الحقوق الفلسطينية التى تتحدث عنها تركيا.

وليس ببعيد الموقف القطرى، والذى هو فى حقيقته «المسخ» من الموقف التركى، فى مدرسة «قل ما تشاء وافعل ما يحقق مصلحتك»، حيث أطلقت الدوحة غرابها المسمى «الجزيرة» ليشن حملات إعلامية ضد الاتفاق، ويستدعى كل المعارضين، فى لقاءات وحوارات، تخلق لديك انطباعًا بأن قطر حامية الدولة الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، رغم أنها التى تتلاعب يوميا بالشعب الفلسطينى فى غزة، عبر مسرحية هزلية مُتفق عليها مع إسرائيل عنوانها «مساعدات أهالى غزة ورواتبهم»، هذا بالقطع غير عشرات المظاهر من السياسات المتداخلة فى المصالح والتفاهم بين الدوحة وتل أبيب.

ستظل القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى أهم أدوات لمزايدة الانتهازيين والأفاقين وأبرزهم جماعة الإخوان الإرهابية ورموزها.