الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 19

لغة الجينات 19

فيه ناس زى السوس بتنخر فى تاريخنا.. فى الظاهر بتقدم لك معلومات فى شكل لطيف ومبهر وبتقدم نفسها فى صورة راقية.. وفى الباطن بتدمر الهوية المصرية.. بتقتل عزة النفس والفخر بداخلك.. بترديد شائعات وأكاذيب وإثارة جدل لن يفيد إلا فى مزيد من الجدل.!



«الناس السوس» دى صناعة متكاملة يتم اختيارهم بعناية.. بنت شكلها لطيف بتتكلم عن تراثنا وتاريخنا وآثارنا.. شاب مفتول العضلات وبشوش بيقدم لك نصائح فى الحياة والدين.

فى الظاهر بتفاجأ  بهم  مشهورين على السوشيال ميديا بيقدموا محتوى عادى.. وفى الباطن بيعاونهم جيوش جرارة من اللجان الإلكترونية بتساعد فى شهرتهم لتمرير خطة تبدو بسيطة.. ايه يعنى يطلع الكشرى المصرى أصله هندى.. ولا الفطير الفلاحى والمش تركى.. ولا حتى حلويات دمياط شامية... فى الظاهر قد تبدو الأمور تافهة وجدل عقيم.. لكن فى الباطن هى تدمير لهويتك وتاريخك.. تدمير لعزة نفسك وجيناتك الأصلية.. بتسرق منك أهم قوة عندك.. بتشكك فى تاريخك كله.. بتقول لك إن كل حاجة حلوة عندك أجنبية وغريبة عنك.

«الناس السوس» دى..  جيناتها من النوع الخبيث واللى بيساعدوهم  جيناتهم أخبث منهم.. فى الظاهر غياب «عزة النفس» عندهم  بيظهر فى صورة استجداء وعطف الآخرين بحكايات وقصص مصنوعة.. وفى الباطن بتدمر هويتك.. بتحبط أصحاب الجينات الأصلية ممن أعطاهم المولى عز وجل «عزة النفس».

«بشارة واكيم» من حراس الهوية المصرية .. امتلك جينات أصلية وعزة نفس وفخر بمصريته طوال عمره .. فى الظاهر الناس بتتعامل معاه على إنه «شامى» فكل أدواره تقريبا قدم فيها شخصية ولغة الرجل الشامى.. وفى الباطن مصرى حتى النخاع مولود فى الفجالة.

فى الظاهر يرتدى ويتحدث ويتصرف كشامى.. وفى الباطن مصرى معتز بكرامته وعزة نفسه بتمنعه أنه يخفى عشقه للتمثيل عن أسرته الثرية ويعترف لهم بحبه لعروض الشيخ سلامة حجازى.. رغم علمه بالعواقب اللى كان أقلها تأجير 3 شباب مفتولى العضلات لمنعه من الذهاب إلى المسرح والعمل فى الفن.. وذهاب عميد العائلة إلى كاهن الكنيسة يطلب منه أن يصلى من أجل بشارة الذى تلبسه الشيطان وأغواه وجره إلى طريق المسرح والفن!

جينات «عزة النفس»  عند بشارة واكيم حرمته حتى من الحبيبة التى عاش مخلصا لها حتى نهاية حياته .. فى الظاهر الأسرة العريقة اجتمعت لتناقش الكارثة التى حلت بهم .. فالشاب خريج «الفرير» وكلية الحقوق الذى ينتظره مستقبل باهر.. سفير أووزير أوعلى الأقل محام كبير.. مسه الشيطان وجلب لهم العار.. وفى الباطن كان الطريق الوحيد الضغط عليه بحبيبة القلب والتهديد بفسخ الخطوبة على بنت الحسب والنسب التى يحبها.

«عزة نفس» بشارة واكيم رفضت المساومة.. فضل الابتعاد فى هدوء.. فسخ الخطوبة وعاش على ذكراها عمره كله رافضا الزواج لدرجة أنهم أطلقوا عليه عدوالمرأة.!

«جينات» بشارة واكيم الأصلية تعاملت مع هذه المآسى بسخرية شديدة.. استمرت قطيعة العائلة .. وهو لا يتوقف عن محاولة إقناعهم .. حتى استجابت الأسرة وحضرت مسرحية يعمل بها... وبعد انتهاء العرض صفقت الجماهير بعنف للشاب الموهوب .. فصعد أبوه على المسرح واحتضنه فخورا به.

جينات «عزة نفس» بشارة واكيم  الأصلية هى نفسها.. اللى دفعته لتقديم استقالته من المسرح الذى أعاد تأسيسه بعد رحيل صديق عمره نجيب الريحانى وجمع فيه كل أعضاء الفرقة رافضا أن تغلق فرقة الريحانى أبوابها.. فى الظاهر كان هومن «لم شمل» الجميع.. وأصر على مواصلة الطريق.. وفى الباطن كان الشلل الذى أصابه بسبب الحزن على الريحانى قد تمكن من نطقه فلم تعد الجماهير تسمعه جيدا وتصرخ «الصوت. الصوت» مع كل كلمة ينطقها.. بكى بشارة واكيم على المسرح  وقال أسعدتكم 30 سنة ولم تتحملونى 30 دقيقة.. وقتها طلب مدير المسرح  من النجم الكبير أن يستريح  فى البيت وأجره سيصله كاملا.. بكى مرة ثانية رافضا العرض ومفضلا الإبقاء على عزة نفسه وكرامته وقدم استقالته وظل حزينا حتى مات.

مدير المسرح ده كان من نوع «الناس السوس» أصحاب الجينات الخبيثة.. فى الظاهر بيحافظ على الفرقة.. وفى الباطن يبحث عن صاحب السلطة والجاه والمال الجديد ليتقرب منه.. مستعد للتنازل عن  عزة نفسه للحفاظ على المنصب والمكانة. «عزة النفس» لا يعرفها إلا الإنسان النبيل، صاحب الجينات الأصلية.. فى الظاهر الناس  قد تراها غرورا وتكبرا.. وفى الباطن  ترفع من يمتلكها  عن كل ما يُقلِّل مِن قيمة نفسه، لا يتَّصف بها إلَّا العظماء الذين يعيشون بعزَّة وكرامة بين الناس، من ينفرون مِن الوضاعة والمهانة.

«العزيز النفس» تعرفه تلقائيًّا من تصرُّفاته الظاهرة التى لا تجد فيها أيَّ وجهٍ مِن أوجه الذِّلَّة والخضوع لغير الله، سلامة تصرُّفاته ونقاء طبعه.