الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المهندس والدكتور

المهندس والدكتور

فى يوم سعيد منذ أكثر من ربع قرن كان تخرجى فى كلية الهندسة جامعة القاهرة... التقيت بعدها بأيام قليلة مع أحد المهندسين العظماء فى العائلة الذى نصحنى بأن أستكمل الدراسات العليا وصولا إلى لقب دكتور, مشيرًا الى المميزات الإدارية الكبيرة التى تسمح للدكتور المهندس بأن يكون صوته مسموعًا وكلمته نافذة حتى على أكثر المهندسين مهارة ومعرفة وهى النصيحة التى لم أعمل بها كاملة، حيث توقفت عند مرحلة الماجيستير فقط وعليه فإننى أعلنها صريحة بأننى لم أحصل على أى درجة علمية أعلى من درجة الماجستير حتى الآن.



وهنا يأتى السؤال «ما قيمة ما أقول؟»... والحقيقة أن قضية الألقاب تشغل حيزًا كبيرًا من اهتمام مجتمعاتنا العربية وأحيانا كثيرة يتم ذلك على حساب الكفاءة والمهارة والفاعلية  التى هى أصل الأمر ومفتاح العمل والإنجاز. ومع اتجاه الدولة للاهتمام بالتعليم الفنى الذى يجيب عن العديد من الأسئلة التى تطرح فى أى مقابلة عمل فعالة- ماهى مهاراتك؟ ما الذى تستطيع القيام به؟ ما هى الأعمال التى أنجزتها أوتستطيع إنجازها بنفسك أوضمن فريق عمل؟- وهى أسئلة فعالة ومهمة ولا يجب أن تكون الإجابة عليها بأننى حاصل على شهادة دكتوراه  فى مجال كذا أوكذا فإن استمرار الاهتمام بالدرجة العلمية فقط والتغاضى عن المهارات وما يمكن القيام به بالفعل يضع مؤسسات الأعمال فى مأزق حقيقى لا يصل بها إلى درجة الإنجاز المطلوبة فى أحيان كثيرة...ناهيك طبعًا عن الدرجات العلمية غير المرتبطة بمجال العمل اوالتى تم الحصول عليها فى علوم نظرية اوفى مناطق لن تضيف الكثير إلى فاعلية العمل وجودة مخرجاته وهى أمور نتعرض لها كثيرًا... لن أتحدث عن الدرجات العلمية التى يتم الحصول عليها من جهات غير معلومة أوالتى يتم الحصول عليها دون دراسة على الاطلاق.

قضية أخرى مرتبطة بالشعر الأبيض والتقدم فى السن وهى التى أتعرض لها تقريبًا بصورة يومية... أن يتم مناداتى بلقب «دكتور» ربما يفعل الشخص ذلك بصورة احتياطية فربما أكون قد حصلت على هذه الدرجة بالفعل نظرًا لانتشارها والتحرج من شعور من حصل عليها من أن يتم مناداته بلقب «مهندس» أولقب «استاذ» فقط.

يطفوعلى السطح سؤال عن إعداد الحاصلين على شهادات الدكتوراه حول العالم وهورقم لا يمكن الحصول عليه بدقة نظرا لغياب الحصر الدقيق  وحتى فى الولايات المتحدة الأمريكية فإن الأعداد تتراوح بين 4.5 مليون و5.6 مليون ونظرًا لغياب الإحصائيات الدقيقة فإن إحدى طرق تقدير الرقم الإجمالى هى الاعتماد على الناتج المحلى الإجمالى والذى تشكل الولايات المتحدة الأمريكية فيه 17% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى العالمى وبحسبة بسيطة يكون عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه حول العالم فى حدود بين 26 الى 33 مليون شخص.

عودة مرة أخرى إلى لقب دكتور والذى أقوم بمقاطعة من يتحدث معى، موضحًا له أننى لست دكتورًا وانما أنا مهندس فقط وهو أمر أراه ضروريًا فى ظل فوضى الألقاب المنتشر, أتمنى مراجعة الأمر والتركيز على قياس المهارات الحقيقية وليس ما يحمله الشخص من ألقاب.