السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المترجم المصرى محمد رمضان: الترجمة إبداع مستقل بذاته يضيف للغة ويدعم استمرارها

على ضفة موازية لضفة الإبداع يبدع المترجم بأنامله وحسه اللغوى المرهف فيخلق عالماً إبداعياً يحاكى الإبداع فى لغته الأصلية وينقله لنا بأدواته اللغوية الخاصة. معاً نبحر بين عوالم المترجمين لعدد من اللغات.



محمد رمضان حسين، مترجم لغة ألمانية، خريج قسم اللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، يعمل منذ 2007 كمترجم حر، وشارك بأوراق بحثية فى بعض المؤتمرات الدولية للترجمة.. صدر له العديد من الترجمات فى مجالات الاقتصاد السياسى والسير الذاتية والأدب منها: (التحدى الصيني، أثر الصعود الصينى فى حياتنا)، تأليف/ فولفجانج هيرن. (نار حَيَّة، قصة حب ميلينا يسنسكا)، تأليف/ ألويس برينتس. (ملحمة الذئاب)، رواية للكاتبة النمساوية/ كيتى ريشايس.

■ بوصفك مترجماً للأدب الألمانى صف لنا هذا الواقع الفكرى والأدبى الألمانى؟

ـــ يتنوع الواقع الفكرى الألمانى باختلاف مذاهبه ومدارسه، ويلقى بظلال تنوعه على الأدب الناطق بالألمانية. فقد مرت بلدان تلك المنطقة بالعديد من التجارب وخرج منها أدباء وفلاسفة أعادوا تشكيل خريطة الفكر الإنسانى بأكمله، وما الفكر والأدب الألمانى المعاصر إلا ثمرة تطور لكل تلك التجارب.

■ ماذا عن حركة الترجمة من الألمانية باللغات المختلفة وباللغة العربية تحديدًا؟

ـــ رغم أن عدد الناطقين بالألمانية فى العالم لا يتجاوز الثلاثمائة مليون شخص لكن الأدب الألمانى حصد - حتى اليوم - جائزة نوبل فى الآداب أربع عشرة مرة، لذا فمن الطبيعى أن تنشط حركة الترجمة من اللغة الألمانية إلى باقى اللغات. ولكن بسبب التعثر العام لوضع الترجمة فى العالم العربى وبطء حركتها فما زالت العديد من أهم الكلاسيكيات الأدبية الألمانية لم تترجم بعد، فضلا عن الأدب الألمانى المعاصر الذى به أسماء عديدة رغم أهميتها لم تظهر بالعربية حتى اليوم.

ولكن القائمين على الثقافة الألمانية نشطاء جدًا فى التعريف بها، فقد وضعوا برامجًا لدعم ترجمة الأدب الألمانى إلى اللغات الأخرى ومنها العربية بالطبع.

■ كيف تختار ما تترجمه من كتابات؟

ــ المترجم هو فى الأصل قارئ جيد، ويسعى دائمًا لمشاركة غيره بأفضل ما قرأه. أقرأ كثيرًا وأختار عناوين كثيرة تصلح للترجمة لكن للأسف يتحطم أغلبها على صخرة الواقع، فعند التعامل مع سوق النشر يكون هناك بعض المتطلبات المختلفة، فليست جودة العمل وأهميته فقط هى المعيار، لكن أحاول التوفيق بين شتى العناصر ليكون العمل المترجم إضافة حقيقية للمكتبة العربية.

■ كيف يستعد المترجم لترجمة كتاب ما؟ وهل يكتفى بنقل من لغة للغة؟

ـــ من بين قراءات كثيرة أنتقى اقتراحات الترجمة وأقدمها للعديد من الجهات حتى تحصل أحدها على موافقة فأبدأ العمل بها، والمرحلة السابقة تستهلك وقتًا وجهدًا مهولا لدرجة أن بعض الاقتراحات يمكن أن تستغرق سنوات فى الانتقال والعرض من مكان إلى مكان، استغرق معى أحدها بالفعل ست سنوات كاملة للبدء فى الترجمة. والطريق الآخر هو الانتقاء من بين مشاريع جهات النشر والتى يكون أغلبها تم اختياره لأسباب تجارية محضة. عند البدء فى ترجمة عمل استعد له من خلال قراءة كل ما يتاح من أعمال الكاتب نفسه للتعرف على أسلوبه وسماته المميزة، وأبحث عن كل ما يتعلق بالعمل وتاريخه حتى يتكون لديَّ صورة واضحة عن الموضوع، فحين أترجم لا أنقل لغة فقط ولكن أخلق عالمًا جديدًا وأعيد زرع ثقافة فى بيئة أخرى مُغايرة لتلك التى نبتت فيها.

■ كيف بدأت مجال الترجمة وهل تعتبره مجالًا إبداعيًا موازيًا للكتابة الأدبية؟

ــــ لا تتوقف الترجمة عن كونها مجرد إبداع موازي للكتابة الأدبية، ولكن تعد الترجمة إبداعًا مستقلا بنفسه يضيف للغة الهدف ويُثرى ذخائرها ويُنوِّع أساليبها ويجدد استعمالها ويدعم استمرارها.

وقد استهوتنى الترجمة عن الألمانية منذ بدأت دراستها من حوالى عشرين سنة وأحببت المساهمة فى تعمير قسم الألمانية فى المكتبة العربية فترجمت نصوصًا عديدة وكنت أطبعها وأشاركها مع الزملاء والأساتذة، وبعد التخرج مباشرة بدأ العمل فى أول مشروع كتاب، ثم توالت الأعمال وتعددت الاختيارات، وما زال هناك الكثير الذى أرغب فى إتمامه.

■ كيف تصف التحديات التى يقابلها المترجم وتقابلك أنت شخصيًا؟

ــ فيما سردته سابقًا فى الاستعداد للترجمة معاناة واستنزاف للوقت والطاقة يُمكن توفيره بسهولة فى إطار منظومة تهتم بالترجمة وتقدرها وتضعها فى مكانتها المناسبة.

■ حدثنا عن مشروعك لترجمة أعمال الكاتب النمساوى الشهير شتيفان تسفايج؟

ـــ تسفايج من الكتاب النمساويين المميزين الذين قدموا أدبًا مناسبًا للشباب ويطرح قضايا مجتمعية ربما تجاوزتها بلاده بعد حوالى قرن من الزمان ولكننا ما زلنا نعانيها حتى اليوم فى مجتمعاتنا. ورغم بعض ترجمات أعماله المتداولة لكن قلما ترى أثرًا له فى الكتابة العربية، لذا فمنذ فترة قررت تبنى مشروعًا لترجمة أعمال شتيفان تسفايج الكاملة عن الألمانية وتقديمه بأسلوبه المميز للقارئ العربى وإتاحته أمام شباب الأدباء. ورحبت الهيئة المصرية العامة للكتاب بنشر المشروع ولكن وفقًا لخطة نشرها فقد يستغرق وقتًا لصدور الترجمات المنتهية لديَّ بالفعل منذ سنوات.

■ حدثنا عن مشاريعك القادمة بشكل عام؟

ـــ انتهيت مؤخرًا من ترجمة بعض الأعمال الأدبية الكلاسيكية والمعاصرة لأدباء لم يسبق ترجمة أعمالهم إلى العربية، وتأخر النشر بسبب الظروف الاقتصادية الحالية، أتمنى أن يصدروا قريبًا ويلاقوا ما يستحقوا من اهتمام القُراء.