الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وثائق التأمين السيبرانية

وثائق التأمين السيبرانية

أثناء أحداث يناير 2011 وما صاحبها من فوضى أتذكر اقتحام أحد المراكز التجارية الشهيرة وسرقة محتويات المحال الموجودة بها...أتذكر قيام بعض المواطنين الشرفاء بالتوجه إلى هذا المركز ومحاولة حماية تلك الممتلكات بل ونقل بعضها إلى أحد المساجد المجاورة ثم الاتصال بصاحب المتجر وإبلاغه أن جزءًا من المنتجات الخاصة به قد تم حمايتها وتخزينها فى انتظار حضوره لاستلامها...أتذكر دهشة من قام بهذا العمل البطولى من ردة فعل صاحب المتجر...كان فى قمة الهدوء والاتزان...شكر من قام بهذا مشيرًا إلى أن شركة التأمين ستتولى تعويضه عن الإضرار الناجمة عن التخريب والسرقة.



مبدأ التأمين مهم وضرورى للحماية والتعويض واستمرار الأعمال والحياة أيضًا...يتنوع التأمين بين تأمين على الصحة والحياة والسيارات ضد الحوادث وأيضًا تأمين المنشآت ضد الحريق والإتلاف وسرقة المحتويات...البعض لا يقتنع بهذا الأمر ويرى أن مبلغ التأمين الشهرى هو خسارة  فالأمور مستتبة ولا يجد أن التأمين ذو جدوى...يستمر هكذا حتى يحدث له أحد تلك الأمور فيشعر بالندم لعدم قيامه بالتأمين على ممتلكاته وأعماله.

أحد مجالات التأمين المستحدثة هو تأمين قواعد البيانات والمعلومات والأنظمة والمكونات المادية ضد الإتلاف أو الاختراق السيبرانى لها وما قد ينجم عنه من إتلاف أو محو لتلك البيانات...قد يشمل الأمر أيضًا إتلاف للمكونات المادية من أجهزة خوادم و شبكات وخلافه.

حدث منذ عدة أيام اختراق سيبرانى لبيانات الطلبة بجامعة يوتا بالولايات المتحدة الأمريكية University of Utah ...الهجوم الحادث كان من نوع «هجوم الفدية» Ransomware attack  والذى يقوم بإيقاف العمل وإمكانية قراءة البيانات و التعامل معها عن طريق تشفيرها بصورة لا تسمح للأنظمة بالتعامل معها مما يؤدى إلى توقف العمل كليًا أو جزئيًا...وبالرغم من أن الجامعة قد أشارت إلى أن حجم البيانات التى تأثرت بهذا الهجوم لا تتعدى الـ 0.02% من حجم البيانات المخزنة إلا أن الجامعة قد رضحت لطلبات منفذى الهجوم وقامت بدفع مبلغ 467 ألف دولار كي لا يقوم هؤلاء الأفراد ببيع البيانات أو عرضها مجانًا على شبكة الإنترنت الأمر الذى قد يدخل الجامعة فى متاهات أخرى وملاحقات قضائية من قبل الطلبة بحجة نشر بيانات شخصية بدون إذن أصحابها وهو المبدأ الأساسى لأى قانون لحماية البيانات الشخصية المعالجة إلكترونيًا.

المبلغ كبير ولكن ما استرعى انتباهى أن الجامعة بعد الإعلان عن دفعها للمبلغ أشارات أيضًا إلى أن جزءًا من المبلغ قامت بدفعه إحدى شركات التأمين التى تعاقدت معها الجامعة فى وقت سابق من خلال وثيقة لحماية البيانات ضد الإتلاف أو المحو أو التخريب وهى منطقة جديدة لشركات التأمين فرضها العالم الرقمى الجديد وما يحتويه من أخطار مرتبطة بأداء الأعمال وسلامة البيانات المتداولة من خلاله.

وهنا يأتى السؤال عن هذا النوع من التأمين وهل هو متوافر لدى شركات التأمين العاملة فى مصر وهل ستقتنع به الإدارة العليا فى المؤسسات و الشركات  خاصة بعد صدور القانون رقم 151 لسنة 2020 والخاص بحماية البيانات الشخصية؟...سؤال ينتظر إجابة فى المستقبل القريب.