الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الشطرنج وأوراق اللعب 1-2

الشطرنج وأوراق اللعب 1-2

تعلمنا قديمًا الدرس الأول عند بدء ألعاب الورق «الكوتشينة» بأن نقوم بإخفاء أوراق اللعب عن أعين المنافسين... ببساطة لأن معرفتهم بما نحمله من أوراق سيمكنهم من توقع الحركة القادمة ومن ثم يقومون بتعديل خططهم واستخدام الأوراق المتاحة لديهم بصورة مختلفة تؤدى إلى هزيمتنا فى نهاية المطاف.



أما فى حالة لعبة الشطرنج فإن كل القطع مكشوفة على رقعة اللعب.. معروف أماكنها وإمكانياتها أيضا إلا أن اللعبة لا تزال قائمة لأننا ببساطة لانعرف ما يدور فى أذهان المنافسين فلا نعرف أى قطعة سيقومون بتحريكها ولا ماهى القطعة التى تليها أى أننا ببساطة لانعرف «الخطة» التى يلعبون بها.

وعليه فإن الاحتياج إلى معرفة ما يدور فى الرؤوس هو الاحتياج الأهم والأكثر حساسية وخطورة.. ينطبق هذا الأمر على ميادين القتال أيضا...فأسلحتنا وأسلحة الخصم معروفة ومعلومة ومرصودة.. ما هو مجهول هو متى وكيف سنقوم باستخدامها.. عناصر المفاجأة وأسلوب الهجوم والمناورة هى العناصر الحاكمة والمرجحة لفريق على الآخر...حرب أكتوبر مثال حى على هذه النظرية...الخداع الاستراتيجى وعنصر المفاجأة والإيمان بالقضية وكفاءة المقاتل ودرجة حماسه وتدريبه هى التى حسمت الموقف لصالحنا بالرغم من التباين فى قدرات التسليح.

هذا المبدأ هو ما يجعل عمليات التجسس هامة وضرورية...لم تعد  الأمور المرتبطة بنوعية السلاح أو مكان تخزينه أو أعداد الجيوش بنفس درجة السرية كما كانت فى الماضى ولكن دائما وأبدا ستظل الخطط المستقرة فى الرؤوس والروح المعنوية من الخبايا التى تحتاج إلى الكثير من العمل لمعرفتها ومن ثم وضع الخطط المضادة.

أتاح عصر المعلومات الفرصة أمام أجهزة الاستخبارات لمعرفة المزيد والمزيد عما يدور فى الأذهان...أمثلة ذلك كثيرة ...نقوم ببعضها بأسلوب بدائى ولكنه فعال إلى حد كبير...كم مرة نتصفح صفحات التواصل الاجتماعى للأصدقاء فنعرف توجهاتهم واتجاهاتهم وحالتهم المعنوية ودرجة ثقافتهم ووعيهم ودرجة ارتباطهم بالمعتقدات الدينية والمدارس الاقتصادية والقناعات السياسة.. إلخ.

تقوم جهات عدة أيضا بعمل «خطط اشغال» فيما يقوم البعض الآخر بصناعة نجوم أو شخصيات يلتف حولها الكثير من الناس ثم يتم من خلالها بث أفكار مطلوبة بأسلوب ناعم يطلق عليه أسلوب «دس السم فى العسل».

التفكير فى أحد محركات البحث الشهيرة «جوجل» أو شبكات التواصل الاجتماعى ذائعة الصيت مثل «الفيسبوك» يحتم علينا الانتباه..ماذا لو أبلغتك عزيزى القارئ منذ 30 أو 40 عاما ان لدى القدرة على معرفة اسمك بالكامل واسماء أصدقائك ومدى علاقتك بهم ونوع مشترياتك وكم إنفاقك والأماكن التى تذهب إليها كما أن لدى القدرة على قراءة خطاباتك ومكالماتك معهم...فى الماضى كان هذا ممكنا شريطة أن أرتدى «طاقية الإخفاء» وأجلس بجوارك طيلة الوقت لأرصد ما يحدث...الآن يتم كل هذا وأكثر بصورة أتوماتيكية ثم أتت المرحلة الثانية الأكثر تعقيدا والتى تتيح لتلك المواقع أن تقوم بتحليل كل البيانات وتقدم توقعات مستقبلية لما ستقوم به من أفعال أو ستقوله من أحاديث وتوقعات أخرى بشأن الأماكن التى من المتوقع زيارتها وكم هى الميزانية التى تخصصها للأمور المختلفة. غدًا نكمل