الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الروائى والمترجم المصرى أحمد سمير سعد: الكتابة إعادة اكتشاف لنفسى وللعالم

على ضفة موازية لضفة الإبداع يبدع المترجم بأنامله وحسه اللغوى المرهف فيخلق عالماً ابداعياً يحاكى الإبداع فى لغته الأصلية وينقله لنا بأدواته اللغوية الخاصة. معاً نبحر بين عوالم المترجمين لعدد من اللغات.



أحمد سمير سعد روائى ومترجم صدر له أولى رواياته «سِفر الأراجوز»  2009، أعقبها بالعديد من الروايات والنصوص الأدبية والمجموعات القصصية وقصص الأطفال. 

وقد حصل على جوائز عديدة منها المركز الثالث المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة، فرع القصة القصيرة 2009, المركز الثانى مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكتاب، دورة عبد المنعم شلبي، فرع القصة القصيرة 2014.المركز الثالث جائزة الشارقة للإبداع العربي، فرع أدب الطفل.

■ تنوعت كتاباتك بين القصة والرواية وقصص الأطفال والترجمة العلمية فهل تفضّل التنقل بينهم أم ستستقر على أحدهم؟

ـــ لكل نوع من هذه الأنواع متعته المختلفة. بالنسبة لى الكتابة هى اكتشاف لنفسى وللعالم وكل نوع من هذه الأنواع يكشف زاوية مختلفة من العالم ويمنحنى معرفة جديدة وحياة جديدة، لذا لا أظن أننى سوف أركن يومًا إلى مجال واحد. فى الحقيقة يحركنى شغفى دائما -أو هكذا أظن- وأنا أتبعه ما استطعت.

■ كيف بدأت مجال الترجمة وتحديدًا الترجمة العلمية؟

ـــ الموضوع أقرب للمصادفة السعيدة، لم أتخيل أبدًا أننى سأتجه للترجمة فعلا أو أننى قد أحرز فيها إنجازًا. أذكر صديقى الحبيب وليد عبد العزيز حين كان يستحثنى على تجريب قلمى فى الترجمة وكنت أجيبه بعبارات من قبيل «إن شاء الله.» حتى اطلعت يومًا على كتاب (ما الحياة؟ الجانب الفيزيائى للخلية الحية) لإرڤين شرودنجر. وقتها كنت أكتب كتابى (لعب مع الكون) وكان هذا الكتاب أحد المراجع، كان كتابًا شهيرًا للغاية ولا يتوقف المجتمع العلمى الحديث عن ذكره، رغم مرور كل هذه السنوات ورغم حدوث تغيرات جذرية فى فهمنا للكثير. تساءلت لِمَ لم يترجم مثل هذا الكتاب؟! قررت أن أمضى فى الأمر وشجعنى صغر حجم الكتاب ثم تواصلت الترجمات.

■ كيف تختار ما تترجمه؟

ــ لا أترجم إلا ما يعجبنى وآنس إليه وغالبية ما ترجمته كان اختيارا شخصيا مني. كتب تعجبنى فأقدم بها اقتراح وأنال الموافقة من الناشر وعندها أشرع فيها. أترجم ما كنت لأود أن أقرأه فى العربية وما أشعر أنه يحمل إضافة وأشعر أننى بترجمتى له سأقترب كثيرا من أفكاره وعوالم مؤلفه.. الترجمة هى إعادة خلق للنص مع محاولة التطابق مع الأصل بالطبع؛ لذا فهى تتطلب فهما فائقا لروح المكتوب وبالتالى القراءة من أجل الترجمة أو أثنائها هى قراءة مختلفة تماما، تجعلك تشعر وكأنك فى عقل المؤلف، يتحدث إليك مباشرة وعندما تصيغ جمله وأفكاره بالعربية، تشعر وكأنه قد كان وحيك الذى يلهمك ما تكتب وتشعر أنك مشارك فى الخلق، لا مجرد ناقل له.

■ لماذا ركزت على تبسيط العلوم ؟

ـــ أحب العلوم وأشعر أنها تملك الكثير من أسرار العالم وليس هذا فقط بل تشكل اليوم وتوجه فى أحيان كثيرة فلسفاته، أتعامل مع العلوم باعتبارها حكايات، فى ذات متعة النصوص الخيالية والمطلع على العلوم الحديثة ربما سيكتشف أن حكايات العلم فاقت أكبر شطحات الخيال وأنا أحب الاستمتاع بتلك الحكايات وأرغب كثيرًا فى نقلها سواء تأليفًا أو ترجمة بالإضافة إلى أن مجال تبسيط العلوم لا يتصدى له الكثيرون، رغم أهميته. 

■ كيف ترى وضع الترجمة العلمية فى مصر والوطن العربى؟

ــ الترجمة العلمية فى مصر والوطن العربى بدأت منذ وقت مبكر للغاية ولا يمكن بأى حال أن ننسى أفضال الجيل المؤسس لهذا النوع من الترجمات أو الجيل التالى عليه وترجماتهم هى ما جعلتنا نشغف بهذا الحقل من الأساس وأخذت بأيدينا ولا يمكن أن نتجاهل كذلك محاولات حالية عظيمة بعضها مؤسسى من أجل نقل تلك الكتب الأجنبية العلمية المهمة ونقل روح العلم العامة لكن يبقى أنه رغم كل هذا الجهد، لا تزال الفجوة كبير جدا للغاية. هناك كتب فى العلوم كثيرة للغاية على درجة كبيرة جدا من الأهمية، وتحمل بين طياتها معارف كثيرة وحكايات وفلسفات رائعة وتحتاج إلى من ينقلها للعربية.. وهى فجوة لا تزال تزداد اتساعا.

■ ما هى ردود الأفعال على كتابك الأخير؟

ـــ آخر ما صدر لى كان كتاب (أليس فى بلاد الكم) لروبرت جيلمور وهو كتاب يختلف عن سابقيه فى كونه موجه للناشئة ويحكى أهم مبادئ نظرية الكم فى شكل قصصي، مستعينا بأليس عصرنا الحديث، فكما زارت أليس لمبدعها لويس كارول بلاد العجائب، تزور أليس لمبدعها روبرت جيلمور بلاد الكم وهى لا تقل بأى حال عجبا عن بلاد العجائب.. كان هناك استحسان مشجع للكتاب ولموضوعه وللصياغة العربية للترجمة وهو رد الفعل الدافع من أجل إنجاز المزيد فى الترجمة العلمية عموما وفى تغطية هذه الفئة العمرية على وجه الخصوص.

■ ما هى فى نظرك مشكلات الترجمة العلمية والترجمة بشكل عام؟

ــــ بالنسبة للترجمة العلمية دائما ما تكون المشكلة الأكبر فى ضبط الاصطلاحات، كثير من الاصطلاحات يكون مستقرًا بالفعل لكن هناك اصطلاحات أخرى تكون قد نقلت إلى العربية بأكثر من معنى وهو ما يسبب أحيانا صعوبة أمام القارئ والمترجم لاختيار الأنسب.. وأعتقد أن هذا ربما يكون دور مجامع اللغة العربية للاجتماع على توحيد بعض هذه الترجمات العربية للاصطلاحات حتى يكون لكل اصطلاح واحد ترجمة واحدة، على الأقل فى المجال الواحد أو عندما يقصد بها نفس الشيء الواحد. وبالطبع سيبقى دائما أن هناك اصطلاحات جديدة أو أن هناك اصطلاحًا ما خاصا بمؤلف ما وهنا على المترجم أن يجتهد للوصول للمعادل العربى السليم له.

أما مشاكل الترجمة فى العموم فكثيرة، تبدأ من اختيار العمل ثم الحصول على الحقوق وهى عملية تستغرق وقتًا غير قليل ومراسلات كثيرة.. هناك صعوبات فنية تتعلق بمحاولة الاقتراب الأمثل من روح النص والنقل اللغوى المنضبط الذى لا يخل بالمعنى وأخيرًا العائد المادى والمعنوى سواء للمترجم أو للناشر. 

■ هل تقديمك للكتب العلمية بصورة مبسطة للعامة من غير المتخصصين يمكن أن يخلو من العمق مما يسبب عائقًا أو ثغرة؟

ـــ العلم نفسه على الرغم من كل ما يقدمه إلا أنه قراءة اختزالية للعالم من أجل محاولة تبسيطه والقبض عليه. مهما كانت النظرية العلمية واسعة وشاملة وقريبة من الواقع إلا أنها لا تزال محاولة اختزالية له من أجل فهمه على نحو جيد ومن أجل فتح أبواب الخيال أمام قراءات أوسع فى المستقبل.

بالتأكيد تبسيط العلوم هو محاولة اختزالية لكنها لا تخلو أبدا من العمق والهدف الرئيسى من تبسيط العلوم، ، نقل روح العلم والعالَم وتوسيع مدارك البشر وفتح أبواب الخيال وتغيير أنماط التفكير.

■ ما هى مشاريعك الإبداعية وترجماتك المستقبلية؟

ـــ تتراوح بين التأليف الإبداعى والتأليف فى تبسيط العلوم والترجمة العلمية لكن أكثر ما يستحوذ على الآن وأتمنى أن أجد سبيلًا إليه، هو مشروع لتبسيط العلوم للأطفال لكنه لا يزال فى طور التكوين.