الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 25

لغة الجينات 25

بين كل خير وخير مسافة مرهقة تسمى الابتلاء، الابتلاءُ في  الظاهر  مشقةٍ.. وشدةٍ.. وعسر.. ومعاناة، وفى الباطن  منحة إلهية وجائزة  ربانية 



«الابتلاء» فى الظاهر.. مصيبة ممكن تكون فقرًا أو مرضًا.. وفى الباطن تطهيرًا للنفوس وتزكية لها.. طريق نور وكشف لمعرفة أهل الصدق والصبر.. وكشف وفضح لأهل الخيانة والكذب والنفاق.

«الابتلاء» فى الظاهر ممكن يكون للردع.. وفى الباطن هو لرفع أصحاب الجينات الإصلية.. فإذا كان العبد عاصيًا غافلًا عن ربه ابتلاه الله لردعه عن الذنوب وتذكيره بربه.. وإذا كان العبد طائعًا لربه.. ابتلاه لرفع منزلته وإبعاد عنه  كل من يرى نفسه أفهم الخلق وهو أجهلهم .

«الابتلاء» كان طريق النور الذى سار فيه سيدنا يوسف من بداية حياته.. فى الظاهر كانت الابتلاءات عظيمة.. بداية من الرؤية التى غيرت حياته.. لفقد أمه وهو صغير، وإبعاده  قصرًا عن أبيه وهو طفل، خيانة وغدر أخوته اللى المفروض أقرب وأحن الناس له.. ومصدر الأمان  رموه فى الجُب.. بيعه  بثمن بخس بعد أن كان عزيزًا فى حضن أبيه.. اتهامه  بما ليس فيه.. اتهمته امرأة العزيز بجريمة وبصفة ليست فيه، فمكث فى السجن بضع سنين، ظُلمًا.. والقاضى يعلم أنه مظلوم والجميع يعلم .

وفى الباطن كانت جينات سيدنا يوسف تخبره أن هذا هو طريق الحق والنور.. لم يعترض، مقالش ليه بيحصل فيا كده، تعامل مع ابتلاءات الله بصدر رحب، وقلب مؤمن.. والنتيجة.. جعله  الله على خزائن الأرض .

«الرؤية» والابتلاءات أيضا هى التى غيرت حياة العالم الكبير الدكتور مصطفى محمود..   فالرجل فى الظاهر كان يعيش حياة ذات طابع علمى ومادى بحت.. وفى الباطن كانت جيناته الاصلية تستعد لتحويل مسار حياته للأبد .

 الدكتور مصطفى محمود  كشف فى إحدى حلقات برنامجه الشهير «العلم والإيمان» والذى قدم منه 400 حلقة  عن سر تغيير مسار حياته للأبد.

 حلم بصديقين له يسيران فى أحد الشوارع ويتحدثان فى موضوع خاص.. واستيقظ من نومه على جرس التليفون ليجد أحد الصديقين على الخط فيخبره بالرؤية التى رآها .فإذا به يصاب بحالة من الذهول، ويقول  له إن هذا ما حدث بالفعل.. وسقطت سماعة التليفون من يد الدكتور مصطفى محمود، ودخل فى دوامة من إعادة ‏النظر فى كل شىء؛ وأيقن أنه  قد رأى بعينيه وسمع بأذنيه ما يحدث وهو  نائم، فكيف حدث هذا».

فى الظاهر وقتها قال  له العلماء:»  إنها حالة من الجلاء السمعى والبصرى قد تحدث لكثيرين»، وفى الباطن تأكد الدكتور مصطفى محمود أنها رسالة .. ورزق يسوقه الله إلى أصحاب الجينات الأصلية  دون النظر إلى مللهم أو دياناتهم؛ أو درجة تدينهم.. إما ابتلاء لهم وإما فتنة، وإما لإفاقتهم وإقامة الحجة عليهم وتصويب مسار طريقهم .

«الابتلاء» أيضا كان ملازمًا للدكتور مصطفى محمود.. فالرجل ظل مريضًا ملازمًا البيت ثلاث سنوات.. فى الظاهر كانت محنة.. وفى الباطن كانت منحة ليقرأ ويتعلم ويتحول من مجرد طالب   علم إلى عالم وفيلسوف ومفكر.

حتى حينما جاءته فكرة برنامجه الأشهر «العلم والإيمان» فى الظاهر كان تنفيذها على أرض الواقع غاية فى الصعوبة، فقد عرضها على التليفزيون المصرى فاعتمدوا له 30 جنيها مصريًا فقط للحلقة الواحدة! فى حين أن البرنامج كان يستلزم السفر للخارج ومتابعة آخر الأبحاث، وفى الباطن وفى اللحظة التى بدأ اليأس يتسرب إلى نفسه، قابل رجل أعمال شهير، فحدثه فى أمر البرنامج، فإذا به يخرج دفتر الشيكات، قائلا له: «لن أناقشك فى النفقات، ولكن المهم خروج هذا العمل العلمى والدينى إلى النور».

ولاقى البرنامج نجاحًا كبيرًا، واجتذب جماهير كثيرة نظرًا لأسلوبه الذى جذب به قلوب وعقول البسطاء قبل العلماء، ولكن على الرغم من ذلك النجاح، فوجئ الدكتور  مصطفى محمود –بعد سنوات- بإبعاد هذا البرنامج الجماهيرى عن خريطة التليفزيون المصرى دون إبداء الأسباب.. لتكتمل دائرة ابتلائه 

انتبه فالابتلاء الذى هو فى الظاهر شر.. ليس  صدفة.. ويكشف لك فى الباطن الكثير ممن حولك.. ويكشف أيضا لطف ربك  والذى يتجلى بإرساله  لك من يملكون جينات أصلية  ليسندوك ويدعولك ويقولون لك «احنا جنبك»  انتبه وتعامل مع ابتلاءات ربك بحُب، وبرضا، كن على يقين  أن اللى أنت فيه فى الظاهر.. ستكون  مكآفاته فى الباطن عظيمة .. فقط  اصبر وابشر ولا تنفر وقول يارب هتفرج بإذن الله بالفرحة المنتظرة لنا جميعا.

انتبه فلو لم تكن هناك بئر لما كان هناك قصر!