السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انتهاك الأعراض على السوشيال ميديا بدعوى «النصيحة»

تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعى إلى قاعات محاكم تُنصب فيها المحاكمات للأشخاص، وأصبح الجميع قضاة ووصاة على بعضهم البعض، وتآكلت حدود الخصوصية، وباتت الحياة الشخصية مرتعا لرواد «السوشيال ميديا»، مع أن ما ينشر يكون على الحساب الشخصي، الذى هو ملك لصاحبه، يعبر فيه عن آرائه ويشارك مع محبيه وأصدقائه لحظاته الخاصة، ولكن هل تعتبر المشاركة فى حد ذاتها مفتاحًا لاقتحام الخصوصيات والتنظير على الآخرين؟ خاصة وأنه يُمارس باسم الدين فى كثير من الأحيان، فهل كفل الدين الحق فى الخصوصية وعدم الاعتداء على المساحات الشخصية؟



«تركك لمالك على الطريق لا يمنح أحدًا الحق فى سرقته»، بهذه الكلمات وصف الداعية خالد الجندى بعض المبررين لانتهاك الخصوصيات على مواقع التواصل الاجتماعي، بحجة أن صاحب الشأن هو المسئول الأول عن تعريض نفسه وأسرته للتلاسن والنقد.

وأضاف الجندى خلال تصريحاته لـ«روزاليوسف» قائلًا: «حتى من يعرض عورته، لا يحق لأحد أن ينظر له، فما بالك بصور أو معلومات أو حتى رأى شخصى ينشره أحدهم على حسابه الشخصى على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا لا يمنح أحدًا تأشيرة الهجوم عليه، لمجرد أن ما نشره ذلك الشخص مخالف لعقيدته أو مبادئه».

وأكد الجندى  ضرورة عدم شرعنة اختراق الخصوصيات باسم الدين والعادات والتقاليد، قائلًا: «كل من يتخذ من الدين والعادات والتقاليد قنطرة لاغتيال الأشخاص معنويًا على حساباتهم الشخصية، يحاولون إخفاء عيوبهم، ويتسترون عليهم بالتشدق الوهمى بالدين والتقاليد، وكأنهم وُكلاء عن الدين والصواب، بل والرب أيضًا، فيتخطون حدود الأدب، بل ويقذفون بهذا فى النار وذاك فى الجنة»، داعيا الدولة لتشريع قانون يحمى خصوصية وكرامة مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى التى باتت جزءًا أصيلًا من حياتنا اليومية.

 

أما الدكتور أحمد حسين إبراهيم، عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر، فقد أكد أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت مستنقعًا للذنوب، لما فيها من انتهاك أعراض، وفضائح وهتك للأسرار، ومحاولات لرفع ستر المولى -عز وجل- عن عباده.

وتابع د. حسين: «يحطمون روح التسامح وقبول الآخر باسم الدين، ويقحمون الإسلام فى كل فعل قبيح والإسلام منه بريء، فلم يأمرنا الدين بالتألى على الله، ولا الوكالة عنه فى إدخال فولان النار، وفولان الجنة»، مضيفا: «لو أن أحدًا أراد أن يفعل معروفًا فى شخص وجد أنه يقع فى المعصية، فيمكن تنبيه ذلك الشخص فى غرفة الدردشة المغلقة وليس أمام العامة، لأن ذلك يجعل من الشخص فى مرمى نيران المتشددين والأوصياء، وحتى النصيحة تكون بالرفق واللين وليس بصيغة أفضلية أحد على آخر، فهذا ما علمنا إياه رسولنا الكريم وديننا الحنيف».

من جانبه قال الداعية الإسلامى الشيخ رمضان عبدالرازق: إنه لا يجوز الافتراء على الناس بذريعة الاختلاف فى الرأى والانتقاد، متابعًا: «أرى أشخاصًا يعتدون على خصوصيات الآخرين، بل ويطعنون فى الأعراض، ويستخدمون صور أشخاص بعينهم للتشهير والفضيحة، فهذا كله ضد الإسلام وضد الأخلاق بل وضد القانون نفسه»، مستشهدًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».

وطالب عبدالرازق رواد التواصل الاجتماعى بالمحافظة على خصوصياتهم وعدم مشاركة كل تفاصيل حياتهم على الملأ فى ظل وجود مرضى القلوب والحاقدين، والمتطاولين الذين يستبيحون الخوض فى الأعراض، ويستسهلون السب والشتم والتشنيع على الناس، قائلًا: «هناك حالة غير مسبوقة من التنمر تفوق أى وقت آخر، والسبب فيها مواقع التواصل الاجتماعي، وثقافة الاختلاف لمجرد الاختلاف».

وتعجب الداعية الإسلامى من سيكولوجية هؤلاء الأفراد الذين يفرضون سطوتهم على الآخرين باسم الدين، متسائلًا: «متى تحول المصريون إلى أوصياء وخبراء فى كل شيء وأى شيء؟»، مختتما: «كل فرد له معايير ومبادئ تخصه، ولا يجب فرضها بالقوة على الآخرين، فهذا ليس من الدين فى شيء».