الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لا تُصالح مع من يُصارع

لا تُصالح مع من يُصارع

حين تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن « التصالح»، فى كلمته أول من أمس، بالندوة التثقيفية الـ 32، وهومصطلح معروف مغزاه ومجال انطباقه، وحين أكد أنه « ماقدرش أتصالح»، وبغض النظر عن أسباب ذلك، فإن اعتقادى الأساسى بأن هذا القرار لا يخص الرئيس بمفرده، وإنما هو قرار دولة بكل مكوناتها من شعب إلى مؤسسات وهيئات.



التصالح يتم بين طرفين، والدولة المصرية لا يقابلها طرف، ولا تتعامل مع أبنائها على أنهم أطراف، التصالح يتم بين جماعتين سياسيتين، أوبين حزبين سياسيين، لكنه لا يتم مع الدولة، لأن الدولة لا تصارع، ومن يصارعها يخرج عن مظلتها، ولا تصالح مع من يُصارع، واذا كانت بعض التجارب أشارت إلى تصالح بين أطراف مختلفة، إلا أن الحالة المصرية تختلف تمامًا عن التجارب الأخرى.

فى مصر خرجت جماعة عن الدستور والقانون، وقبل كل ذلك أعلنت العصيان ضد الإرادة الشعبية، وبدلًا من إدارة صراعها عبر الأدوات السياسية، قررت خوض تمرد مسلح ضد الدولة، بكل مؤسساتها وهيئاتها، واختارت طريق القتل وسيلة للحكم، واعتبرت معركتها مع الدولة بكل مكوناتها هى الأساس، وهدفها إسقاط الدولة – وليس الحكم – وسيلة لتحقيق مخططاتها الخاصة بتنظيمها الإرهابى الدولى.

الجماعة تحولت من السياسة إلى الإرهاب، هى لم تكن يومًا جماعة سياسية، لكنها نجحت فى خداع الناس، وأوهمت الرأى العام بأنها كذلك، وفى أول صدام كشفت وجهها القبيح، وأظهرت جذورها وانتمائاتها الارهابية، وكرست ذلك عبر سلسلة من الرسائل، التى فضحتها لكنها أيضًا لم تحقق لها أهدافها.

لأول مرة تواجه الدولة المصرية جماعة مارقة، لا تسعى إلى إسقاط نظام حكم، وإقامة بديل طبقى أو اجتماعى، وإنما نواجه جماعة ليست فقط إرهابية، وإنما هى تسعى لإسقاط الدولة المصرية بهويتها الوطنية وثقافتها المدنية، من أجل إقامة دولة «ثيوقراطية» بثقافة كاذبة تدعى فيها تطبيق شرع الله، وهى أبعد ما تكون عن ذلك، فشرع الله لا يقوم على قتل الأبرياء، اواضطهاد أصحاب الديانات، وإنكار كل من هم خارج عن الجماعة حتى من المسلمين، وتعتبر كل هؤلاء هدفًا لها حين تقيم دولتها المارقة.

الجماعة الإرهابية تستهدف المصريين جميعًا دون استثناء على الخلفيات الدينية والعرقية واللون والجنس، فقاعدة الاستهداف عندهم هى كل من هو خارج الجماعة، وكل من لا يدين لها بالسمع والطاعة، وكل من يعارضها أو يخالفها، وفقط الحماية لأهلها وعشيرتها ولكل من يواليها، وهى لذلك غير قابلة للتصالح أو حتى للتفاوض.

كيف يتم التصالح مع جماعة من الناس تعتبر كل مؤسسات الدولة أعداءها، هى تعادى الجيش، هى تكره الشرطة، وتُقاتل المؤسستين معًا، وهى تُهين مؤسسات القضاء وتُحرض على القضاة، وهى تعلن بغضها للإعلام والصحافيين وتحرض على قتلهم، كيف يُمكن التصالح مع جماعة اندمجت مع مؤسسات الإرهاب، ورهنت نفسها لصالح دول ومخططات معادية ؟ هذه جماعة لا ينطبق عليها مفهوم التحاور أو التفاوض أو التصالح.

يا سيادة الرئيس لا تُصالح، فالقرار ليس قرارك، والشعب يريد متاحف الإرهاب ليسجل للتاريخ من هى الجماعة المارقة.