السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رجل الدولة !

رجل الدولة !

الدولة هنا مضاف إليه. ولا يكون المصطلح ذو معنى إلا إذا كان المضاف رجلًا أساسًا. ولا نقصد هنا شخصًا بعينه أو مسئولًا بعينه. بل نتحدث عن المفهوم الشامل لهذا المصطلح. لذلك كان يستوجب أن نؤكد أولًا أن من يستحق هذا التوصيف هو شخص قَبِل أن يتحمل جزءًا من مهام الشأن العام لخدمة المجتمع. وهو توصيف لا يكُتسب بالتنظير أو بالحصول على الشهادات أو بالإطلالات على الشاشات أو حتى بالقدرة على المناورات أو إجادة الحسابات والألاعيب الانتخابية. بل إنه وصف يستند إلى رصيد من المواقف الحاسمة التى اختبر فيها من يدعى هذا الوصف فأثبت عن جدارة عملية أنه كان قدر المسئولية وأنه قادر على الحسم وقتما يكون ذلك مطلوبًا. خاصة فى اللحظات التى تقترب فيها الأخطار من الأمن القومى لهذه الدولة التى يدعى أنه أحد رجالها. فإذا كان غير ذلك فإن هذا المدعى يمكن أن يكون رجل سياسة يقف على أيديولوجية فكرية معينة يجنح لها ويستجيب لضغوطها إذا ألحت عليه ولو على حساب حسم مواقفه مع  الدولة.  إذن رجل الدولة أساسًا هو من قَبِل بالتصدى للشأن العام من أجل الخدمة العامة. ولذلك فإن المقال سيتحدث تحديدًا عن اللاعبين فى تلك المساحة من منتحلى صفة رجال الدولة وهم بعيدون كل البعد عن مسئولياتها لضعف فى تكوينهم الشخصى أو لتشوه فكرى بسبب اعتيادهم على ممارسة التوازنات السياسية المستدامة. أو لاعتقاد خاطئ لديهم بأن الدولة غير متفرغة لفرزهم وأنها انخدعت فى تصنيفهم، لكن لحظة الانكشاف آتية لا ريب فيها.  وعلى ذلك سنصف النموذج المستهدف بوصف «مُدعى دولة» الذى عادة ما يقرر مخطئًا أن يقدم نحو جريمة سياسية بإقحام الدولة كإحدى أدوات مشروعه الشخصى الطموح فيتسلل إلى الدولة مسوقًا ما يلى: - إن وجوده فى صفوف الدولة يُعبر عن تنوع سياسى حميد. - إن لديه القدرة على الاحتواء والتحييد لمجموعات تقف فى معسكر المعارضة.  - إن لديه أساليب أكثر نجاحًا فى التعامل مع الأطياف السياسية من الأساليب التقليدية للدولة. - إنه يملك مفردات التفاهم واللغة للتعامل مع كيانات لا تجيد الدولة التعامل معها. - إنه يجيد دور الوسيط ونزع الفتائل قبل أن تنفجر المواقف فى وجه الدولة .  هذا المدعى قد يمارس ألاعيبه لفترة لكن مواضع ومواقف الرجولة السياسية حتما ستكشفه، وستفضح حجم ما تعرض له رصيد نخوته السياسية من تجريف وانكشاف.  يظل هذا المدعى مروجًا لقدراته الخارقة على التوازن لكن جنوحه السياسى نحو تياره الفكرى حتما سيغلب عليه لسببين: - أنه من البداية لم يكن مخلصًا للدولة بل لفكرة استخدام الدولة.  - أن تياره هو أساس منهج المزايدة والابتزاز والادعاء. مثل هذا المدعى كمثل من أقبل على الزواج من امرأتين وهو غير قادر على أن يعدل بينهما ولكنه كان يستطيع ألا يميل كل الميل، وفِى الحالتين هى أزمة رجولة ونخوة ومقدرة على الحسم. قد يستكمل المدعى جريمته وتخدعه جرأته فى لحظات الريبة فتجده وقد تصدى  لمسئولية إحدى مؤسسات الدولة مدعيًا قدرته على الإدارة غير المسبوقة. فيندفع فى اللحظات الأولى لممارسة سلوك ظاهرى لرجل الدولة من أجل التمويه بأنه كان اختيارًا مستحقًا لكنه بمرور الوقت سينكشف للأسباب التالية: - أن مهمة رجل الدولة هى أشغال شاقة مستمرة. - أن ممارسته لعمل رجل الدولة أدى به إلى النقد العام وهو لا يقوى عليه خاصة إذا كان من أحد المنتمين لنفس تياره. - أنه منذ البداية كان معتقدًا أن بإمكانه تحقيق المكاسب من الدولة التى قد تمنحه منصبًا يزيد من أسعار أسهمه. - أنه يظل أسيرًا للحظة التى سيبتعد فيها عن الدولة طوعًا أوكرهًا أو انكشافًا وسيعود لتياره الذى أوفده مندوبًا فيحرص دوما أن يكون عند حسن ظنه بما يفوق حسن ظن الدولة.  أيها المرجفون فى كل مكان ما تظنون أنكم تفعلونه فى الخفاء ينادى به فوق أسطح الدولة.