السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خطف الفتيات واستهداف الأمن

خطف الفتيات واستهداف الأمن

مجرد جملة بسيطة، تتحول إلى قصة ضخمة، وتنتشر بسرعة البرق، ويستقبلها القراء، وتلوك ألسنتهم تفاصيلها، وتتلألأ حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعى بتفاصيل لا أول لها ولا آخر، ويصيب الرعب قلوب وعقول العائلات، ويخشى الجميع على أبنائهم، سواء أطفالا أو شبابا وفتيات، وبعد قليل ينتهى الأمر إلى لا شىء، حين يتبين الجميع أنهم تبادلوا حواديت وروايات لا أساس لها من الصحة.



المفارقة أن كل حالات النفى الموثقة، التى أعقبت شائعات الاختفاء أو الاختطاف، لم تمنع من مواصلة الروايات والقصص والحواديت، عن اختفاء فتاة هنا، أو اختطاف طفل هناك، حتى إن البعض بادر وأطلق نصائح، كيف تتعامل الأسر لحماية أبنائها، وما الخطوات الواجب اتباعها لتأمين أبنائهم، وضمان عدم اختطافهم.

الحاصل أن كل شائعة من هذه الشائعات، يصاحبها بعض دلائل وتأكيدات مصطنعة، من نوعية مثلا شاهدت بعينى، أو جارى أبلغنى بالواقعة اللى اتعرض لها زميله فى العمل، أو من نوعية أنا كنت ماشى وشفته وهم بيخطفوه، وهكذا يضيف البعض من خيالاتهم تفاصيل، أو قل هم يقصدون ذلك لإضفاء المزيد من اليقينية على الشائعة التى يطلقونها.

المسألة ليست مجرد صدفة ولا نزهة، إنما تكرار هذه الوقائع وانتشارها يؤكد العمد مع سبق الإصرار والترصد وراء إطلاقها، وليس الأمر كما يحاول البعض الإيحاء بأنها رغبات لدى البعض فى الشهرة أو جذب الانتباه، أو حالات مرضية تحتاج لعلاج نفسى.

الشاهد أن «هوجة» شائعات الخطف تستهدف بالدرجة الأولى الإيحاء بانهيار أمنى اجتماعى، والتشكيك فى قدرة الأمن على حماية الناس، وتوفير المتطلبات الأساسية لضمان حياة آمنة، وإثارة الحنق والضيق فى نفوس المصريين، ومراكمة حالة غضب فى النفوس، لاسيما أن أغلب حواديت وقصص الاختطاف، ترتبط بإثارة مشاعر إنسانية، عن حالة أسرة المختطفة، وانهيار الآباء والأبناء، وسلوك المختطفة الراقى الطيب، بما يسهم فى تأجيج مشاعر الغضب والحنق تجاه المؤسسات الأمنية فى البلاد.

نجاح المؤسسة الأمنية فى تحقيق الاستقرار، وتوفير متطلبات الأمن السياسى والاجتماعى والاقتصادى، ونجاح جنودنا وأبطالنا فى القوات المسلحة فى مواجهة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، هذا النجاح على مختلف المستويات، كرس وعّمق إحساس الإرهابيين بالفشل، وأبرز مدى كراهية وغضب المصريين ضدهم وكشف للعالم أجمع قدرة الدولة المصرية وسيطرتها وانهيار كل محاولات تخويف مؤسسات الاستثمار الدولى من الإقبال على الاستثمار فى مصر.

المسألة وما فيها الاستمرار فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى كوسيلة لتمرير وترويج شائعات وقصص مثيرة ترتبط كلها بالتشكيك فى الأوضاع القائمة، وإثارة غضب الناس والعمل على تعبئتهم وتحريضهم ضد الدولة، وهى كلها وسائل تستخدمها جماعات الفوضى والإرهاب، وللأسف يسقط فيها البعض من أصحاب النوايا الطيبة.

المثير أن الشائعات والقصص والحواديت الكاذبة تُتداول مجددا، ورغم كشف حقيقة هذه الروايات، والإعلان عن الحالات الحقيقية وما وراءها من أحداث، إلا أنه ووفقًا للقاعدة المعروفة فإن الشائعة تنتشر أكثر بكثير من نفيها، لذلك سيظل الأمر مرتبطًا بالمتابعة الدقيقة للأحداث، والكشف عن الحقائق أول بإول على الرأى العام، مع عدم التهاون أو التقليل من شأن تأثير هذه الشائعات المُستهدفة للتشكيك فى نجاحاتنا الأمنية ضد تنظيمات الإرهاب والفوضى.