الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حـذاء العقـل

حـذاء العقـل

على الكهوف القديمة والتى يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف عام نجد رسومات لأشخاص يرتدون فى أقدامهم شيئًا أقرب لكيس مصنوع من جلود الحيوانات لحماية أقدامهم، كما أن الصندل يعود إلى قدماء المصريين كأول من ارتداه من البردى والكتان والنخيل والجلد... تلك كانت بدايات اختراع الحذاء.



يقال أيضًا إن ملكًا ذهب فى رحلة برية طويلة وعند عودته وجد أن قدميه قد تورما جراء السير حافيا فأصدر قرارًا بأن يتم تغطية الأرض التى يسير عليها بطبقة من الجلد لحمايته غير أن أحد مستشاريه أشار عليه بحل أفضل وهو أن يقوم بتغطية قدميه بطبقة من الجلد لحمايتها بدلًا من أن يقوم بتغطية الأرض كلها.

تذكرت تلك الحكاية عندما لاحظت كم الاكتئاب والتوتر والقلق والانزعاج الذى نلمسه جميعًا عند تعاملنا وعند تفاعلنا مع العالم من حولنا.

محاولات بائسة يائسة محمومة من أجل إصلاح تلك الأمور من حولنا لكى نحيا فى عالم أكثر سعادة وصفاء.. تلك المحاولات التى تستنزف الكثير من الوقت والمجهود..بعضها يكلل بالنجاح والبعض الآخر غير ذلك كما أن إصلاح أمر ما أو موقف ما لا يضمن أن تستمر الأمور كذلك فربما تقوم بإصلاح أوتوجيه شخص ما فى موقف ما وبعد مرور ساعات أو أيام تجده قد عاد إلى سيرته الأولى مما يصيبك بانزعاج مضاعف.

فكرت ووجدت أن المثال السابق الإشارة إليه والخاص بالملك الذى أراد تغطية كل الطرقات لحماية أقدامه ينطبق تمامًا على كل المحاولات التى نقوم بها من أجل الإصلاح والعيش فى سلام.. ثم تذكرت أن هذا الحل لم يكن الأنسب أو الأكثر فاعلية وواقعية بل أن الحل المقدم من أحد المستشارين كان هو الأفضل والأوفر والأسهل.. أن يقوم الملك بتغطية قدميه بدلًا من تغطية الطرقات بأكملها فلماذا لا نستعير نفس الأسلوب فى حماية عقولنا وقلوبنا مما نتعرض له كل يوم.

ما المانع من أن يكون الغطاء الذى نحمى به أنفسنا هو الحل خاصة مع انتشار أدوات التواصل وسهولة الوصول إلى المعارف والخبرات... غطاء من الحكمة وتجارب السابقين... غطاء من الدين والقيم والعادات والتقاليد وأفضل الممارسات.

ولأن الحكمة هى ضالة المؤمن فمن السهولة العثور عليها فى كتاب أو مقال أو خطبة أو فى مقطع فيديو أو فى التواصل مع الأشخاص الناجحين المستقرين نفسيًا والمتزنين عقليًا.

وهذا الأمر ليس بالأمر الصعب على الإطلاق، ففى عالم المعرفة الرقمى نجد الكثير من المصادر والمعارف المختلفة يتبقى لنا أن نقوم بالبحث والتحليل والتمحيص ثم نذكر أنفسنا ومن نحب بهذه الأمور فى كل وقت وحين.. ربما حكمة صغيرة تسطرها فى قصاصة ورق وتضعها نصب عينيك فى مكان ظاهر فى المنزل أو محل العمل تجعلك فى منأى عن هذا العبث وتحصن بها عقلك وتقدم بها نصيحة مخلصة لكل من يمر بها ويقرأها.

ولنتذكر دائمًا أن الحكمة غالية وأن الروح تسأم وأن العقل إن ذهب لا يعود.