الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عودة زعيم الفلاحين

عودة زعيم الفلاحين

أحيانًا تكون الصدفة أقوى من التخطيط والقرارات المخططة، وتأتى بنتائج خارج نطاق التوقعات والتقديرات، وتنتهى إلى رسم صور لا تمت للتخطيط والترتيب بصلة، لذلك قال أجدادنا «رب صدفة خير من ألف ميعاد».



ومن الصدف المدهشة هذه الأيام، عودة زعيم الفلاحين إلى المشهد مجددا، وعودته جاءت متواكبة مع استعادة قلاع مدينته ومصانعه،  ليستعيد المصريون أمجادا غابت عنهم لفترة ليست بالقليلة، أمجاد فى الرياضة وأمجاد فى الصناعة، والاثنان معا من قلب مدينة الصناعة المصرية وقلعة صناعة الغزل والنسيج المحلة الكبرى.

فى نهاية دورى 72/73 احتشد المحلاوية فى المدرجات يهتفون «قلتم فلاحين وطلعوا مهندسين»، وكان هتافا مدويا، يرد على توصيف فريق المحلة الكبرى بـ«الفلاحين»، لكنه فاجأ الجميع وتمكن من إحراز بطولة الدورى وقتها ولأول مرة فى تاريخه، ولم يتوقف إنجاز الفلاحين عند هذا المستوى وإنما تخطاه للوصول إلى نهائى أبطال أفريقيا، كثانى فريق مصرى يصل للمباراة النهائية بعد الإسماعيلى، ولكن لم يحالفه التوفيق فى تحقيق اللقب قبل أندية كبرى مثل الأهلى والزمالك.

عودة «زعيم الفلاحين» إلى الدورى الممتاز هذا العام بعد غياب سنين طويلة، جاء متواكبا مع عودة الروح إلى قلعة صناعة الغزل والنسيج، والبدء فى إستعادة وتطوير مصانع مدينة المحلة الكبرى، فى إطار خطة تستهدف استعادة الأمجاد الوطنية المصرية، بضخ الروح فى القلاع الصناعية ومنها مداخن مصانع الغزل والنسيج.

مصر كانت تشتهر بإنتاجها من الغزل والنسيج، واحتلت هذه الصناعة مكانة متقدمة فى النشاط الاقتصادى الوطنى لسنين طويلة، وكانت بؤرة من بؤر التنمية، ومركزا من مراكز الصناعات المتقدمة، التى استوعبت آلاف الأيدى العاملة، وضخت الدماء فى عروق مئات الورش والمفارز الصغيرة فى كل البقاع المحيطة بمدينة المحلة.

عودة زعيم الفلاحين مجددا، لم يقتصر على الرياضة، ولكنه امتد إلى عودة زعيم التصنيع أيضا، وهى لقطة لا يمكن إخضاعها للتخطيط والقصدية، وإنما هى ضربة قدر، أراد تنبيهنا إلى ما نحن مقدمون عليه، باستعادة أمجاد افتقدناها بإرادتنا، وبسياسات خاطئة، عصفت لفترة بقصة ومسيرة نجاح طويلة.

مصانع الغزل والنسيج بالمحلة مسيرة كفاح طويلة تمتد من عهد طلعت باشا حرب  أبوالاقتصاد الوطنى المصرى، ولعبت عبر تاريخها دورا محوريا وأساسيا فى النهوض الوطنى، وفى لحظات الانهيار والهزيمة بعد يونيو67، وواصلت كفاحها بعد الانتصار فى 73، لاستعادة دوران عجلة الاقتصاد الوطنى.

الفساد وسوء التخطيط، كانت الهدية التى تلقتها مصانع الغزل والنسيج بالمحلة، والنتيجة انهيار واحدة من أساسيات قلاع الصناعة الوطنية المصرية، لفترات طويلة امتدت عشرات السنين، وتدور عجلة الزمان لعصر جديد يقرر استعادة جانب مضيء من تاريخنا.

قريبا إن شاء الله ستعود رحلات أبنائنا فى المدارس،  وزيارات العائلات والأسر الى مصانع مدينة المحلة الكبرى، حيث الإنتاج الوطنى المتميز، ومشهد العزة والكرامة فى التصنيع، كما ستعود كاميرت التليفزيون إلى استاد غزل المحلة، لنستمتع بأداء «الفلاحين»، اللى هم فى الحقيقة «مهندسين» فى الرياضة والتصنيع.