الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ما قل وكفى

ما قل وكفى

أعطت شبكات التواصل الاجتماعى الفرصة للجميع ليتحدث وينشر الآراء والأفكار والأخبار والحكايات والصور ومقاطع الفيديو العامة والخاصة بصورة غير مسبوقة فلم تختبر البشرية مساحة هائلة للتواصل الفعال وأحيانًا كثيرة المحموم مثلما أعطتها تلك الشبكات التى تربط جوانب الكرة الأرضية معًا فى وحدة واحدة تسمح بالتواصل السريع بغض النظر عن اعتبارات المسافات أو المستويات الاجتماعية أو أى اعتبار آخر كان يقف حائلًا نحو انتشار الأفكار كما كان الأمر حتى سنوات قليلة مضت.



تطبيق تويتر والذى بدأ بإتاحة 140 حرفًا فقط لكتابة ما تريد ضاعف تلك الإمكانية وأصبح فى الإمكان الكتابة حتى 280 حرفًا ربما لأن رقم الـ140  بالفعل هو رقم صغير مما دفع الكثير من المستخدمين لتقسيم ما يريدون قوله على تغريدتين للتغلب على هذا القصور ولكن جاءت المفاجأة بعد سنة من إتاحة تلك السماحية حيث وجد إن 21%  فقط من التغريدات هى من يتخطى حاجز الـ140 حرفًا وأن نحو 1% هى ما يصل إلى حاجز الـ280 حرفًا مكتملين والمعنى أن الجميع مازال يميل إلى الاختصار فيما يقول وذلك لأن الجميع قد تعود على هذا فى عصرنا الحالى فائق السرعة.

مثال آخر تراه يوميًا من خلال تطبيق الفيسبوك ويتم قياسه من خلال كم التفاعل مع ما ينشر فإذا كان ما ينشر لا يتجاوز السطرين أو الثلاثة أسطر فإن حجم التفاعل يكون مهولًا بالمقارنة بالتفاعل مع مقال كبير من 500 كلمة أو حتى 300 كلمة.

نفس الشىء نراه مع مقاطع الفيديو فالمقطع الذى يزيد على الدقيقة أو الدقيقة ونصف الدقيقة يعتبر مملًا ولا يمكن أن تضمن المشاهدة حتى النهاية إلا فيما ندر حينما يكون المحتوى شيقًا جدًا ومهمًا جدًا  ولكن هذا لا يمنع أن تفضيلات المستخدمين تتجه إلى مشاهدة مقاطع الفيديو بدلًا من القراءة مهما كانت المادة المقروءة صغيرة ومركزة.

وبصورة عامة فإن الإحصائيات تشير إلى أن أكثر المقاطع مشاهدة تلك التى لا تتعدى الثلاثين ثانية مع وجود استثناءات بسيطة قد تصل بالمقطع إلى ثلاث دقائق على أقصى تقدير وعليه فإن مقطع مدته عشر دقائق أو ربع ساعة يكون محكومًا عليه بعدم المشاهدة المكتملة وعليه يجب أن تكون أول 30 ثانية فى قمة الإمتاع وتحتوى على الرسالة الأساسية أو تحمل تشويقًا كبيرًا لتجبر المشاهد على الاستمرار.

الاختصار فيما يكتب وفيما يذاع يحتم على وسائل الإعلام والوسائل التعليمية وأى وسيلة للتواصل مع إنسان عصر المعلومات أن يعى هذه الخصائص ويستجيب لتلك المحددات وإلا سيصبح ما يقول هباء منثورًا على الأقل بين العامة وعند عمومية تلك الرسائل وهذا لا يمنع استمرار نفس النهج القديم ولكن سيكون موجهًا نحو المتخصصين وطالبى التعمق فى الأمور.