الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سوريا وفرنسا

سوريا وفرنسا

أدت جائحة كورونا إلى إغلاق وتباعد وتوقف للعديد من الأنشطة بصورة تامة أو بصورة جزئية ثم بدأ الجميع فى البحث عن بدائل لاستمرار الحياة فى ظل تلك الإجراءات الاحترازية، فوجد الجميع ضالته فى أدوات وتقنيات التحول الرقمي من أنظمة فنية وشبكات معلومات ممتدة تربط العالم كله.. مجموعة من الأدوات التي كانت حكرًا على طائفة محددة من المستخدمين باتت هى الملاذ والملجأ الوحيد للجميع، فسمعنا عن انتشار الإقبال على برامج المؤتمرات المرئية Video Conferencing والتي أتاحت استمرار العديد من الأنشطة عن بعد فكثر الاستعراض والحديث عن العمل عن بعد، والتعليم عن بعد والعلاج عن بعد وخلافه.



لم يقتصر الأمر على تلك المجالات فقط بل دخلت الموسيقى بقوة فى هذا المجال فتم استعراض إمكانية إقامة حفلات موسيقية كاملة بنظام ال online.. رأينا استعراض فرق أوركسترا فرنسا الوطني لتلك التجربة والتي تم فيها عزف العديد من الأعمال منها مقطوعة «معا» Together من خلال مشاركة 48 عازفا على الآلات الأوركسترالية المختلفة كل فى منزله.. يمكن الرجوع إلى تلك المعزوفة من خلال البحث فى موقع اليوتيوب.. تناسق وتناغم فريد يوضح قدرة الإنسان على التأقلم واستغلال الإمكانات المتاحة فى ظل القيود المفروضة.

ربما يزيد العدد عن هذا أو يقل فى بعض المعزوفات الأخرى وبغض النظر عن مدى المقاومة أو الرفض لهذا الأسلوب تمسكا بالطرق التقليدية للعزف، والارتباط بين العازف والمكان والجمهور إلا أن هذا الحل، ربما يأخذ مساحة أكبر فى المستقبل بغض النظر عن جائحة كورونا، وما ستسفر عنه الأيام القادمة.

هذا الأمر ليس مرتبطا بالترفيه فقط فالعديد من المعاهد الموسيقية حول العالم اعتمدت هذه الطريقة للتدريس أو على الأقل لعمل بروفات للطلبة.. المتخصصون يدركون تماما أهمية التواصل المباشر للفنان والجمهور ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله.. فى هذا الإطار أحب أن أشير الى تجربة معهد صلحي الوادي فى العاصمة السورية دمشق، والذى بدأ ربما قبل تلك الجائحة فى أرشفة الأعمال والتحول إلى الصورة الرقمية ثم بعد أن تزايدت الإجراءات الاحترازية تحول إلى الخطة ب Plan B لاستمرار العمل من خلال آليات التحول الرقمي السابق الإشارة اليها.

للمعهد موقع الكترونى يتضح به هذا المجهود.. شاهدت معزوفة بديعة لطلبة المعهد شارك بها 43 عازفا كل فى منزله وهى تجربة تستحق الإشارة.. فالأمر هنا يختلف عن الاوركسترا الفرنسي فهؤلاء طلبة والآخرون محترفون كما أن الظروف فى سوريا الشقيقة ليست مرتبطة بالكورونا فقط.

تلك الآليات تسمح أيضا بمشاركة عازفين من بلدان مختلفة فى نفس الوقت كما أنها تسمح بانتشار أكثر وتواصل أكبر بين المؤدى والمتلقي.

التجارب المحلية عديدة وربما تحتاج إلى مقال منفصل.