الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من دروس الانتخابات الأمريكية

من دروس الانتخابات الأمريكية

يتعامل المجتمع الدولى مع الانتخابات الأمريكية كل أربع سنوات، باعتبارها الحدث الأهم والأضخم والأكثر تأثيرًا على العالم فى عام حدوثها، وتوصيف المنافسات الانتخابية وأجواء العملية المحيطة بها بأنها «رُحى»، هو توصيف دقيق، وحين نقول دارت رُحى العملية الانتخابية فقد أصابنا دقة المعنى، كون الكلمة تستخدم فى أحاديث الحروب والمعارك، وتدُل على شدة وطيسها وعنف أحداثها، وهو ما تدور فيه أحداث وأجواء الانتخابات الأمريكية فى العشرية الأولى من القرن الحالى.



كما أنه فى السفر سبع فوائد، ففى الانتخابات الامريكية سبعين فائدة، ولما لا وهى الأكبر والأبرز بين بنى البشر الديمقراطيين وغير الديمقراطيين، وتدور رحاها بين آلات إعلامية جبارة، تتجاوز قدرتها على تسيير الأحداث حدود بلادها الى التأثير على القرار فى العالم كله من دون مبالغة أو مزايدة.

وإذا كانت الآلة الإعلامية الأمريكية تراجعت وانهارت وانهزمت بنجاح ترامب المدوى قبل 4 سنين بعد انكشاف استطلاعاتها الكاذبة للرأى، فإنها عادت لتنتقم هذه المرة، بنجاحها فى إمتلاك قوة ونفوذ، جعل منها الحكم والمرجعية وصاحب القرار فى تثبيت رئيس أقوى دولة فى العالم وإعلان هزيمة منافسه، ولتتحول من متابع وناقل للأحداث، الى صانع ومصدر قرار سياسى من طراز رفيع.

ودروس الآلة الإعلامية الأمريكية لم تقتصر على هذا الأمر، وإنما أعطت درسا بليغا لفرسان الديمقراطية فى بلادنا، ولطمتهم على خدودهم كما لم يحدث من قبل، وكشفت لهم الجهل والمزايدة التى يعيشون فيها، وهى توضح لهم بالسياسة والقرار والتنفيذ حدود الحرية، واحترام حق المجتمع فى تلقى المعلومة .

وربما – بل هى كذلك -  إنها المرة الأولى التى تقطع شاشات التلفاز الإرسال على كلمة رئيس الولايات المتحدة، ويُصاحب قطع البث تفسيرا وتوضيحا خطيرا لأسباب قطع كلمة الرئيس والامتناع عن بثها على الرأى العام، والسبب من وجهة نظر وسائل الإعلام، أن الرئيس الأمريكى يتحدث فى أمر جلل وخطير، ولا يمتلك دليلا على ما يقوله، ولأن للجمهور المتلقى احترامه، فقد قررت وسائل الإعلام منع الرئيس من التواصل مع الناس وقطعت البث.

كلنا نعرف أن ترامب كان يتحدث عن تزوير الانتخابات، ويعرض من وجهة نظره ما حدث، وبالقطع يتهم أطرافا عديدة بالمشاركة فى التزوير، ويصف وقائع محددة وإجراءات وتدابير، الى آخره من تفاصيل كلمته، وهى كلها معانى انتزعت وسائل الإعلام عنها مفهوم حرية الرأى والتعبير، واعتبرت أنها رسائل بالغة الخطورة على الأمة وعلى الديمقراطية، وأن صاحبها لا يملك دليلا على ما يقول، فقررت جميعها وقف البث!!

لم يخرج أحد فى أمريكا ليصف ما حدث بأنه انتكاسة للديمقراطية، أو قيود على حريات الرأى والتعبير، ولم يعتبر أحد ما جرى انتهاك للمواثيق الدولية، وامتنعت المنظمات الحقوقية المسماة بالكبرى، عن إصدار بيانات إدانة وتحريض ضد الإعلام الأمريكى، الذى منع مواطنا من الإدلاء برأيه، وفرض حظرا على تقديم معلومات، ولم يقل لنا أحد من فرسان الحرية فى مصر، «أزاى يقطعوا البث، كل واحد حر يقول  اللى عاوزه، ولومش عاجبك الكلام أقلب المحطة».

 وأوضح أن الدخان الأبيض حين ينطلق من جبال الغرب اليانكى يستقبله فرسان الديمقراطية فى الشرق، من دون أن ينتبهوا إلى أنه «صفعة» على وجه من يزايد دون علم.