الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حرية الرأى فى الغرب «فرنسا نموذجاً»

حرية الرأى فى الغرب «فرنسا نموذجاً»

دائما ما يضع العالم الغربى قضايا الحريات فى صدارة اهتماماته، ومقدم أجندته الرسمية فى علاقاته الدولية، ومن فرط اهتمامه بالملف باعتباره قضية مصيرية، ربط بين سجل الحريات فى أى مكان وبين الدعم والمساعدات والمعونات الاقتصادية، واتفاقات دعم الاقتصاد المحلى من خلال ضخ استثمارات ومشروعات لبلدان العالم الثالث.



الحاصل أن دولا عدة من العالم الغربى، بل يمكن القول أهمها وأبرزها فى مجال الحريات وخصوصا الشخصية، لا تلتزم بذات القواعد والمبادئ التى تطالب بها شعوب العالم، حين ما تتعامل مع مشكلات داخلية على أرضها، والمثير أنها فى هذه المواجهات الداخلية، تستخدم نفس التفسيرات والعلل فى توضيح أسباب تعاملها مع الأحداث الداخلية، على غير ما تنادى به وتطالب العالم .

أحدث تلك المواقف ما أعلنه الرئيس الفرنسى ماكرون، لمواجهة تداعيات أزمة الرسوم المسيئة، ومحاولة حصار موجة التطرف والإرهاب التى تفشت فى بلاده، على أيدى مجموعات من المتطرفين الإرهابيين، وهو– الرئيس الفرنسى – طالب قادة التجمعات الإسلامية ببلاده والرموز الدينية، التوقيع على وثيقة الجمهورية الفرنسية، والالتزام بمبادئ الدولة، مؤكدا رفضه للتدخلات الأجنبية فى شئون المساجد وإدارتها.

الشاهد أن الرجل يملك كل الحق فى إلزام كل المقيمين على أرض بلاده احترام القانون والالتزام بتنفيذه، وله كل الحق فى أن يرفض ويدين أيضا، كل محاولات التدخل الأجنبى فى شأن المساجد المقامة على الأراضى الفرنسية، وهوالرفض الذى لا يقف عند حدود رسم قواعد إدارة المساجد، أوما يتم تداوله على منابرها، ولا ما يدور بين جدرانها، وإنما هو بالقطع يمتد إلى عمليات التمويل الخفى للأنشطة، والتواصلات والاتصالات مع جماعات لا تخضع للقانون الفرنسى من دون علم الدولة، وبالتأكيد يتصل بكل ذلك أى مواقف أوبيانات تقررها أوتعلنها دول أخرى فى شأن أحداث أوقرارات أوسياسات داخلية فى بلاده .

مواقف ماكرون لا تقف عند هذه الحدود، قبل أيام أصدرت منظمة حقوقية دولية بيانا، تدين إقدام رئيس فرنسا وحكومته، على تعديل قانونى لمنع السخرية أوالتهكم على المسئولين بالقول أوبنشر رسوم كاريكاتورية، وهوما تساءلت المنظمة الدولية عن هذا التشريع فى علاقته بموقف فرنسا من الرسوم المسيئة والتى تتمسك باعتبارها حريات رأى وتعبير، وفى المقابل تنزع هذه المعانى عن أمور تمس مسئولى الدولة .

وقائع دولة فرنسا أم الحريات الشخصية، ليست الأولى فى الغرب الأوروبى المتحضر ومنها إنجلترا ام الديمقراطية ومنها أيضا وقائع وأحداث الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، كلها تدعو للتساؤل عن تدخلات هذه الدول فى شئون الدول الأخرى تحت مزاعم ومسميات حماية الحريات العامة والحقوق، وعن التزامها هذه القواعد تجاه شعوبها، والحقيقة أنها لا تظهر هذا الالتزام فى سياساتها الداخلية، كما تظهره فى تعاملاتها مع بقية شعوب العالم .

الحاصل أن الغرب مٌصاب بفيروس التعالى على بقية شعوب العالم، ومصمم على تنفيذ سياسات الأوامر والتعليمات والإملاءات، على خلفية تميز مزعوم غير حقيقى فى قضايا الحقوق والحريات العامة، ومتمسكا بقاعدة كونية الحقوق وعالميتها فى تعامله مع الآخرين، وبخصوصية واقعه فى التعامل مع أزماته .