الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
راجى عنايت

راجى عنايت

منذ أن بدأت هواية «القراءة الحرة» فى سن مبكرة جدًا وأنا أشعر بنشوة كبيرة عند مطالعة أى مجموعة من الكتب المتراصة للبيع سواء فى مكتبة أوعلى أرصفة الشوارع...أتذكر فى هذه السن المبكرة أن استوقفتنى سلسلة كتب بعنوان «أغرب من الخيال»...الهرم وسر قواه الخفية...لعنة الفراعنة وهم أم حقيقة؟...سرالأطباق الطائرة...الأشباح المشاغبة وغرائب أخرى...عجائب بلا تفسير...أسرار حيرت العلماء...رجل يعرف كل الأسرار...الخروج من الجسد...عجائب العقل البشرى...معجزات العلاج...النبات يحب ويتألم...هذا الغد العجيب...العالم سنة 2000...إلخ...بالمناسبة هذه السلسلة تحتوى على حوالى عشرين كتابًا.



تلقفت تلك الكتب والتهمتها التهامًا...كانت لدى مشكلة طفولية غريبة....كنت لا أعرف كيف النطق الصحيح للاسم الثانى للمؤلف «عنايت», وكنت كما كان أغلب أبناء جيلى من الخجل بأننا كنا لا نتجرأ على سؤال من هم أكبر منا سنًا عن الكثير من الأمور .. منها تصحيح اسم الكاتب فكنت أذهب الى المكتبة سائلًا عن «كتب الأستاذ راجي» فقط...فإن كان البائع ملمًا فإنه يذكر الاسم كاملًا وإن كان غير هذا فكنت أتركه وأتجول بين الكتب المرصوصة لأنتقى منها ما أريد...لم أتعلم الاسم الحقيقى ومعناه إلا بعد تلك الفترة بسنوات طوال.

أتذكر حضورى لندوة عن المستقبل منذ حوالى خمسة عشر عامًا...كانت تعج بالمتخصصين والإعلاميين...أول مداخلة كانت للأستاذ مفيد فوزى الذى انفعل قائلًا: «أنا لا أتصور أن نتحدث فى ندوة عن المستقبل دون أن ندعو الأستاذ راجى عنايت».

«ديمقراطية جديدة لمجتمع المعلومات» كتاب صدر للأستاذ راجى عام 2010 قبل يناير بشهور قليلة...تحدث فيه عن تغيير أشكال وأنماط الممارسات السياسية فى ظل عصر المعلومات وشبكاته الممتدة...تصور ممتع لما حدث بالفعل حول العالم كله فيما بعد...به تصورات أكثر تقدمية بخصوص برلمانات عصر المعلومات وضعف الحاجة لوجود ممثلين عن الشعب قادرين على إيصال صوتهم حيث يعتبر هذا الشكل مرتبطًا بما هو قبل عصر ثورة المعلومات...رأينا بعضًا من المشاركة والمراقبة المجتمعية من خلال شبكات التواصل الاجتماعى والتى لم تصل بعد إلى التصور المتزن الذى طرحه الأستاذ فى كتابه.

كان لى الحظ بعد ذلك أن أكون أحد أصدقاء الأستاذ على صفحته فى موقع الفيس بوك لأستمتع بتحليلاته وذكرياته ووجهات نظره فيما حدث ويحدث وسيحدث أيضًا...أن أشاركه فى حزنه الدفين لفقدان شريكة حياته الفنانة شويكار عكاشة مع عرض لبعض من أعمالها الفنية البديعة...لوحات فنية بديعة تسحر ألباب المتخصصين ومتذوقى الفن...كيف كان يبث حزنه عبر تلك الكلمات القليلة على موقع الفيس بوك...كيف كان احتفاله بعيد ميلادها الأخير ومحاولته لإظهار الفرح وقلبه ينفطر.

أعمال الأستاذ متاحة على شبكة الإنترنت وكذا أيضًا بعض من لقاءاته التليفزيونية القليلة لمن أراد أن يعرف ويتعلم.

رحل الأستاذ منذ عدة أيام رحمة الله عليه وخالص العزاء للأستاذ جمال والأستاذة منى والأستاذة ليلى ولكل محبيه فى كل مكان.