الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المطيباتى الإلكترونى

المطيباتى الإلكترونى

المطيباتى مهنة قديمة ربما تعود إلى عصر الفراعنة حيث كان يتم استئجار مجموعة من الرجال ليسيروا أمام الجنازة لإضفاء أهمية على الحدث وصاحبه الراقد داخل التابوت مع وجود مجموعة من النساء النائحات ليقمن باللطم والصراخ والبكاء لفراق المتوفى.



انتشر المطيباتى والذى يطلق عليه أيضًا «أجير الجنازات» فى مصر فى القرن الماضى وهو عبارة عن مجموعة من الرجال يلبسون ثيابًا سوداء- فى العادة بدل-  مع وضع فوطة حمراء حول وسطهم ليسيروا فى الجنازات مرددين عبارات من قبل «إنا لله وإنا إليه راجعون» و«الله يا دايم هو الدايم ولا دايم غير الله» وذلك نظير نصف ريال أو ما شابه... البداية كانت فى جنازات علية القوم ثم انتشرت المهنة لباقى الجنازات تباعًا.

جسد الشخصية فى قالب كوميدى الكاتب الساخر الراحل يوسف عوف فى فيلم إسماعيل ياسين الشهير «حماتى ملاك» وبالرغم من انقراض تلك المهنة إلا أن شيئًا مشابهًا مازال موجودًا فى بعض الدول الأوروبية منها انجلترا، حيث يتم استئجار أشخاص لحضور الجنازات نظير مبلغ من المال قد يصل إلى 70 دولارًا فى مدة الساعتين.

نوع آخر من المطيباتية كان يتم استئجارهم فى الحفلات الغنائية لزوم «صهللة القاعدة» حيث كانوا يقومون بالتصفيق وإلقاء عبارات الإعجاب بصوت المغنى والألحان المعزوفة من أجل حشد الجماهير وتشجيعهم على تقبل الألحان والإعجاب بها.

تطورت المهنة إلى قيام بعض المغنيين بتأجير بعض المطيباتية لصهللة الحفلات الغنائية وربما يقوم أحدهم بمحاولة اقتحام خشبة المسرح وتقبل المغنى عنوة أو إلقاء مجموعة من الدباديب والورود عليه... هذا أمر رأيناه فى كل دول العالم منها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

تستخدم بعض الجماعات السياسية الأسلوب نفسه لإضفاء القبول والأهمية على مرشح فى الانتخابات أو للالتفاف حول شخصية سياسية أو دينية لأغراض متعددة.

وهنا يغيب العقل ويشك المرء فى نفسه قائلًا: «كيف لا أرى ما يرون وكيف أستطيع أن أبدى اعتراضى على شخصية تتمتع بكل هذا القبول والإقبال».

ثم جاء عصر المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعى فنجد اللجان الإلكترونية وأيضًا أسلوب تضخيم ونشر أخبار بعينها من خلال أعداد كبيرة من علامات الإعجاب بها والتعليق عليها أو شعبية لشخص ما من خلال أعداد المتابعين له وهذا يتم فى الغالب من خلال حسابات وهمية أى ليست لأشخاص حقيقيين.

هذا هو أسلوب عمل شبكات التواصل الاجتماعى فكلما زادت أعداد علامات الإعجاب على أمر ما كلما زادت نسب ظهوره لباقى المستخدمين, ومن ثم يحصل على المزيد والمزيد من علامات الإعجاب وكلها لا تعبر عن أهمية ما يكتب أو يقال ولكنها تعطى انطباعًا زائفًا يدفع الباقى إلى المزيد من الإعجاب وترسيخ فكرة الشعبية والأهمية.

هذا الأمر صدرت عدة فتاوى بشأنه وأغلبها تحرم هذا الفعل لاعتباره نوعًا من الكذب والتدليس وهى قضية مهمة لا ترتبط بشبكات التواصل الاجتماعى فقط ولكن تشمل جميع الأعمال التى تؤثر كذبًا فى رأى الناس فى تلك السلعة أو هذا الخبر.