الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسفار الإلكترونية

الأسفار الإلكترونية

«كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا» جزء من الآية الخامسة من سورة الجمعة وإن كانت الآية تتحدث عمن حملوا بالتوراة ثم لم يحملوها حيث شبههم المولى عز وجل بالحمار الذى يحمل على ظهره الأسفار-جمع سفر وهو الكتاب- إلا أن رأى جمهور العلماء بأن معانى القرآن تؤخذ بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب تجعل مثال الحمار ينطبق على كل من يحمل العلم ولا يستفيد به.



والاستفادة تبدأ بالمعرفة والفهم ثم بالتطبيق والعمل وإعادة النشر لتعم الفائدة.. رحلة العلم بدأت بالقول والاستقرار فى عقول وقلوب العارفين ثم انتشرت مع التدوين اليدوى على نطاق ضيق ثم اتسع هذا النطاق مع اختراع آلة الطباعة ولكن استمر النطاق وأسلوب التداول والانتقال فى أطر محدودة.

ثم جاء عصر المعلومات فأتاحت آلياته فرصة أكبر للتخزين والاسترجاع اتسعت مع الدخول فى المرحلة الحالية المرتبطة بشبكات التواصل الاجتماعى واستخدام الهواتف الذكية. مرحلة تحولت فيها الكتب إلى الصورة الإلكترونية PDF وإلى الصورة الرقمية من خلال القارئ الإلكترونى Kindle والذى كان الإصدار الأول له يوم 19 نوفمبر 2007 من خلال شركة أمازون.

حققت مبيعات الكتب الإلكترونية  ما يقترب من 653 مليون دولار فى الولايات المتحدة الأمريكية فى السبعة شهور الأولى من عام 2020 فقط بزيادة 25% عن العام السابق وذلك بعد زيادة الإقبال على الكتب الإلكترونية ارتباطا بإجراءات الإغلاق التى هى جزء أساسى من الإجراءات الاحترازية لمكافحة وباء الكورونا.

والغريب أن براءة  الاختراع  لأول كتاب رقمى كانت فى إسبانيا عام 1949 حيث تم تجهيز دائرة المعارف على جهاز يعمل بأسلوب ميكانيكى لاستعراض الصفحات والقراءة. الأمر فى المنطقة العربية مختلف نوعًا ما فالشراء بالطرق القانونية واستخدام القارئ الإلكترونى لاتزال محدودة.. الأغلب يعتمد على الكتب العادية بعد تحويلها إلى صيغة ال PDF وبغض النظر عن القضايا المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية للمؤلف والحقوق المجاورة ولجدل حول المدد القانونية لانتقال الكتاب وحقوقه من الحماية إلى النطاق العام Public Domain ومع سهولة التحميل والتخزين والقراءة إلا أن حجم الاستفادة والاطلاع لا يزالان فى أضيق الحدود.

لماذا الأمر بهذا الضعف هو سؤال هام لمحاولة نفى أن نوصم بأننا مثل الحمار فى حمله للأسفار.. فالحمل الثقيل المرتبط بالكتب التقليدية ما عاد موجودا.. الصورة الإلكترونية تسمح لك بتحميل وحفظ آلاف الكتب على شريحة ذاكرة صغيرة داخل التليفون المحمول وتسمح بالاستعراض والقراءة على الحواسب الشخصية والمحمولة Labtops والهواتف الذكية فأين المشكلة؟

المشكلة أن إنسان العصر لا يقرأ.. لا يهتم بالتعمق فى الأمور بل يصاب بالانزعاج حتى من السبل الحديثة من تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعى ومن مقاطع الفيديو الطويلة بل وصل الأمر إلى أن أى مقطع يزيد على دقيقة ونصف أو دقيقتين فإنه يعتبر طويلا ومملا ولن يشاهده حتى النهاية إلا عدد محدود من البشر هذا ما نلاحظه جميعا فيما ننشره على تلك الشبكات فأهمية ما يكتب ليست هى السبب الرئيسى لزيادة عدد المشاهدات أو علامات الإعجاب بل إن قصر المحتوى وجاذبية العرض أهم بكثير جدًا من محتواه وتلك قضية خطيرة تحتاج إلى دراسة وتفصيل.