الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصاصو الطاقة

مصاصو الطاقة

فى الكثير من النصائح والتحذيرات التى نراها على شبكات التواصل الاجتماعى تحذير متعلق بمن يطلق عليهم «مصاصو الطاقة»... اعتقد أنه ما من مكان إلا وبه شخص أو أكثر من هذه النوعية... زميل تراه فى الصباح فتلقى عليه السلام ببراءة فتجده مقطب الجبين يرد بتثاقل ثم يبدأ فى الشكوى من كل شيء...تحاول استخدام امكاناتك الدفاعية والتمسك ببعض الأمل فى المستقبل فيرد عليك بابتسامة ساخرة مفاده أن «مفيش فايدة».. تتركه ثم تذهب الى مكتبك وقد شعرت بإجهاد نفسى وبدنى وتثاقل غريب يحيل حياتك إلى جحيم فلا قدرة على التفكير الإبداعى ولا حماس للعمل أو للحديث مع الآخرين...تستمر فى هذه الحالة حتى العودة الى المنزل فى المساء فلا تجد شهية للطعام ولا تجد طاقة للتفاعل مع أسرتك ثم تهرع إلى النوم فتشاهد عرضا مستمرا لهلاوس وكوابيس مفزعة تستيقظ منها فى الصباح وأنت فى قمة التعب والاكتئاب. تكون النصيحة بأن تبتعد عن مثل هؤلاء الأشخاص وقد تنجح بالفعل فى ذلك إلا أن الأحاسيس السلبية والإرهاق يستمران ولا تعرف السبب.



القضية ببساطة أن هؤلاء الأشخاص السلبيين ليسوا كل شيء فالعديد من العادات التى نقوم بها تفعل بنا نفس التأثيرات.. دستة كاملة من العادات والتصرفات تدمرنا.. أحدها هو قضاء الوقت مع الأشخاص السلبيين أما باقى الأمور فتشمل قضاء وقت طويل على شبكات التواصل الاجتماعى والدراسات تؤكد التأثير السلبى لذلك فهى تجعلك تشعر بأنك الشخص الوحيد الأقل حظا وأن الآخرين أكثر منك سعادة وانبساط.. التدقيق فيما يقول ويفعل الآخرون أمرا فى غاية الخطورة أيضا فقديما قالوا «من راقب الناس مات كمدا».. السهر وعدم ممارسة الرياضة والتغذية السيئة كلها أمور تؤثر بشدة على صحتك البدنية والنفسية ايضا.

التفكير فى الماضى من الأمور الخطيرة أيضا سواء كان الماضى جيدا أو سيئا فتتحسر على حلاوة الماضى مقارنة بحال الحاضر أو تستعيد ذكريات مؤلمة فتستعيد نفس الأحاسيس التى مررت بها فى ذلك الوقت.. شارلى شابلن عملاق التمثيل الكوميدى قام مرة بتكرار مشهد كوميدى على خشبة المسرح عدة مرات بالطبع كم الضحك فى أول مرة لم يكن مثل كم الضحك فى المرة الرابعة التى أعاد فيها نفس المشهد حيث توقف وواجه الجمهور متعجبا من استمرار اجترارهم لأحزان الماضى مرارا و تكرارا والتأثر بها بنفس الدرجة ولا يفعلون ذلك مع تكرار المشهد الكوميدى الذى قدمه مشيرا الى الطبيعة البشرية التي  تستطيع تكرار التفكير فى أحزان الماضى والتفاعل معها كل مرة كأنها أول مرة.. كثرة الشكوى أمر آخر خطير ومدمر.

فخ آخر نقع فيه وهو فخ الكمال والرغبة فى الثناء وهى أمور مرهقة فلا يجب أن نعمل على إرضاء الجميع فهى غاية لا تدرك ولا يجب علينا السعى نحو الكمال فالكمال لله وهذا بالطبع لا يتعارض مع إتقان العمل و ليس دعوة للإهمال بأى صورة من الصور.

لا يجب علينا أيضا المبالغة فى العمل على حساب وقت فراغ نقضيه مع الأهل والأصدقاء أو مع النفس للترويح والاستمتاع بأمور اخرى فى الحياة بعيدا عن العمل وصراعاته والتوتر الناجم عنه.

أعرف أننا جميعا ربما نعرف كل ما سبق ولكن علينا أن نحاول ولا نستسلم.