السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مثلث حلفاء الفوضى والإرهاب

بيان البرلمان الأوروبى اعتمد على معلومات مغلوطة مصدرها الرئيسى الجماعة الإرهابية

مثلث حلفاء الفوضى والإرهاب

فى ديسمبر عام 2018 وتحديدا يوم 13 منه، أصدر البرلمان الأوروبى قرارا خاصا بمصر يتعلق بما أسماه أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة، المفاجأة أن هذه الوثيقة بنصوصها ومحتواها وأغلب ما اعتبرته وقائع وما تضمنته من اتهامات مزعومة وتوصيفات سياسية جاءت متطابقة مع القرار الذى صدر أخيرا قبل أيام من ذات البرلمان الأوروبى.



ورغم مرور عامين على القرار الأول، فإن ذلك لم يمنع هذا التكرار أو «القص واللزق « للوثائق، وهى ملاحظة  لا ينبغى ان تمر مرور الكرام، فلها معان ودلالات عدة، تتعلق جميعها بالأهداف السياسية من وراء الاستمرار فى إطلاق ذات الاتهامات والحديث عن ذات الوقائع وكأن الحياة لا تسير ولا تتطور، وهو بمثابة تجاهل وإنكار لحقائق تحدث على الارض، وهو إنكار متعمد لأسباب سياسية، لا صلة لها فى حقيقة الأمر بالحقوق أو الحريات.

واحدة من معانى هذا التكرار، ارتباط تلك التقارير بمصادر محددة  ثابتة، هى أيضا تصدر تقارير مكررة ومُعادة، وهى منظمات أحادية المصادر تعتمد على جماعات ارهابية ومنظمات داعمة للفوضى، ويُمثل الاعتماد على تقاريرها خطأ فادح، كونها تقارير صادرة عن جهات سياسية، من مصلحتها إظهار مخالفات وانتهاكات صارخة، وهذه الجماعات ذات صلة مباشرة بتكوينات سياسية داخل البرلمان الأوروبى، تسير على نفس النهج ووفقا لذات الرؤية، وتلعب دورا فى دعم جهات اصدار هذه التقارير المعطوبة، وفقا لدائرة سياسية تتكامل فيها الاطراف المختلفة .

اهمية الاشارة الى مصادر المعلومات، والدوائر الفاعلة وراء هذه السياسات والمواقف  القائمة على تنفيذها، أنها تحدد لنا حقيقة ما وراء هذه البيانات  وأهدافها، وتكشف عن مدى صدقيتها أو تزييفها لوقائع وحقائق، لصالح أغراض سياسية.

 

نفوذ الإرهابية

 

فى أوروبا وتحديدا دول الغرب، تزايد نفوذ جماعات سياسية فى الانتخابات الأخيرة قبل نحو عامين، مثل الجماعات الشعبوية المناهضة للمهاجرين والمعادية لفكرة الاتحاد الأوروبى، وجماعات الخضر، وتحالفات البؤر اليسارية وبعض أجنحة الاشتراكيين الديمقراطيين، انعكاسا لتمزق يتسع انتشاره بين أوصال القارة العجوز.

اللافت ان التكتلات الأخيرة من الخضر وأجنحة من داخل الحركة الاشتراكية الديمقراطية أو اليسار الأوروبى، اصبحت تلعب دورا اساسيا وجوهريا فى كل محطات قرارات البرلمان الأوروبى المتعلقة بمصر، وهو فى تزايد مع ارتفاع نسب تمثيلها فى البرلمان، وتستهدف تحركاتها المضادة للدولة المصرية ما يطلقون عليه انتهاكات حقوق الانسان، وهى تمثل الضلع الاول فى القرارات السياسية ضد الدولة المصرية، وهى ذات علاقات مثيرة للانتباه والتساؤلات عن شبكة من العلاقات ذات اهداف سياسية محددة. 

الضلع الثانى هو التكتلات والجماعات وثيقة الصلة بمنظمات دولية مشهود لها بدعم الارهاب والإرهابيين مثل أمنيستى أو هيومان رايتس ووتش من خلال تزوير وقائع وتزييف توصيفات لأفعال  جماعات على أنها سياسية وهى فى صلبها اعمال عنف وارهاب، وأثبتت العديد من الاحداث والوقائع اختراق جماعات ارهابية مثل الإخوان للهياكل الادارية لهذه المنظمات.

وتُعد المرجعية الرئيسة لهذه التقارير الصادرة تجاه مصر، تحالف أو تكتل  جماعات يسارية مصرية - تُطلق على نفسها حقوقية – بعضها فى الداخل والبعض فى الخارج، وهى تشكل مع التنظيم الدولى لجماعة الاخوان الارهابية، والمنظمات التى أسستها تحت مظلة مزاعم منظمات حقوقية، مصدرا أساسيا للحملات والضلع الثالث فى المثلث للحملات التى يتم تنظيمها دوليا  سواء فى المنصات الاعلامية أو المؤسسات الدولية، بدعم مباشر وتسويق وترويج من التنظيمات الحقوقية الدولية، واللافت تطابق ما صدر من قرارات مع ما يجرى تداوله فى منشورات وبيانات تصدر من كل طرف من هذه الجماعات على حدة.

الحاصل أننا أمام مثلث من أطراف ثلاثة،  يمثل معا تكتلا سياسيا رغم ما بينه من فروقات، ونحن نتحدث عن جماعات الخضر وفصائل من الاشتراكيين الديمقراطيين واليسار الأوروبى، والمنظمات الدولية الحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش وامنستى وغيرها، وثالثهم تحالف المنظمات «الحقوقية» التابعة لجماعة الاخوان الارهابية  مع جماعات يسارية وليبرالية مصرية من انصار مدرسة الفوضى متواجدين داخل مصر وخارجها .

 

البرلمان الأوروبى

 

وفى هذا السياق يمكن الاشارة مثلا الى طلب إحاطة من نائبة بالبرلمان الالمانى عن حزب الخضر « فرانتسيسكا برانتنر «موجه لوزارة خارجية بلادها عن الموقف مما اسمته النائبة  انتهاكات قوات الامن المصرية لحقوق الانسان فى سيناء فى حربها على الارهابيين التابعين لجماعات منبثقة عن تنظيم داعش، وفى تصريح النائبة لوكالة الانباء الالمانية « د. ب. أ» ونشره موقع «دويتشة فيله» فى 17 ديسمبر 2017 انتقدت نائبة الخضر حكومة بلادها وسياسة تعاملها مع الامر فى مصر، رغم ان معلومات هذه الانتهاكات – حسب النائبة -  متوافرة من منظمات مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش المعنيتين بالدفاع عن حقوق الانسان .

الشاهد هنا اننا نتحدث عن صلة تربط معلومات تلك الجماعات الأوروبية بمنظمات حقوقية دولية أثبتت وقائع عدة اختراقها وانحيازها سياسيا لتلك الجماعات الارهابية، وتلك المنظمات الحقوقية  تتلقى معلوماتها من تحالف «الاخوان الارهابية» مع مجموعات يسارية وليبرالية من سياسيين انصار مدرسة الفوضى يتحركون تحت مسميات حقوق الانسان . وهى تركيبة سياسية رغم إختلافاتها وتنوعاتها الا ان مايربطها مجموعة مصالح سياسية لكل من الاضلاع الثلاثة، يجعل من تحالفها ضد الدولة المصرية عنصر للتنسيق والعمل للاستفادة منه فى التعامل مع دوائر الرأى العام لكل طرف من جانب، وفى الضغوط على الحكومات المختلفة من جانب ثانى، لتحقيق استفادات سياسية تتوافق مع الاجندات الحزبية لكل طرف.

 

معلومات مزيفة

 

 البادى إذن ان هذه التكتلات داخل البرلمان الأوروبى لا تستقى معلوماتها من اطراف مختلفة، قدر ما تلتزم بقناة واحدة للمعلومات، دون التحقق أو المراجعة، وهى تؤكد ان هذه التكتلات هى الاداة السياسية لتحويل التقارير المزيفة والمطعون عليها من بيانات اعلامية صادرة عن تحالف سياسى حقوقى، الى توصيات سياسية وضغوطات على الحكومات الأوروبية،  لاستصدار قرارات تمثل دعما ومساندة لتلك الجماعات الارهابية أو الفوضوية المتحالفة معها .

من المنطقى ان نتساءل عن تلك التركيبة السياسية الغريبة، الحاصلة فعليا  فى المشهد السياسى على الارض، وتحكمها جملة من العلاقات والمصالح السياسية المتقاطعة سواء فى ما بينها من جهة أو مع التكتلات والاحزاب الأوروبىة الاخرى المُمثلة داخل البرلمان الأوروبى ويُطلق عليها القوى التقليدية، التى هى على غير وفاق مع التكتلات الجديدة  الصاعدة .

فالبعض ينظر احيانا الى كتلة الخضر باعتبارها محدودة التأثير كونها تمثل 10% من مقاعد البرلمان الأوروبى البالغ عدده 750 مقعدا، لكن هذا التفسير قاصر لأن التشتت والانقسام الناتج عن الانتخابات الاخيرة، والتى انتهت الى تراجع قوى وتصاعد نفوذ قوى جديدة، هذا التنوع الضخم لا يساعد اى طرف من الاطراف على امتلاك نفوذ حاسم سواء فى خصوص القرارات أو التصويت فى الانتخابات الداخلية لهيكل الاتحاد الأوروبى.

على هذه الخلفية تبدو قدرة كتلة الخضر وبقية جماعات اليسار وفصائل من احزاب اشتراكية الضغط على جانب من الاحزاب الكبرى بالبرلمان بالتصويت لصالح دعم اجندتها الحزبية والسياسية مقابل مساندتها ودعمها لقضايا اوروبية تحتاج لانحيازات ومقايضات ومفاوضات فى شبكة برلمانية بالغة التعقد والتنوع فى الرؤية للقضايا الأوروبىة المُتصارع عليها وتمس التوحد الأوروبى، وتٌفسر هذه الغابة من العلاقات قرار البرلمان الأوروبى الاخير تجاه مصر والذى حاز على اغلبية بصعوبة بالغة، لا تعكس توحدا أو انحيازا اوروبيا كبيرا لما ورد فى نصوص القرار وتوصياته غير المُلزمة .

نحن امام مشهد ان كان لا يعكس مؤامرة من وجهة نظر البعض، الا انه بالتأكيد يعكس رؤية سياسية وتحالفات بين جماعات وقوى اما انتهازية أو من انصار الفوضى، تمثل دعما للعنف والارهاب، لإثارة الفوضى فى مصر والمنطقة، فضلا عن ما يمثله ذلك من مخاطر بالغة على اوضاع القارة الأوروبية العجوز ومصالحها.