الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معلومات فى أيادٍ وقحة

معلومات فى أيادٍ وقحة

للكاتب الفرنسى جيرار جورج لومير كتاب شهير بعنوان «القهوة والأدب...المقاهى الأدبية من القاهرة إلى باريس» يتحدث فيه عن أشهر المقاهى فى العديد من الدول ويرصد فى الكتاب كيف نشأت الحركات الأدبية والأحزاب السياسية والثورات من خلال اجتماع الناس فى تلك المقاهى كما يتحدث عن العديد من الممارسات الأخرى ومنها بالطبع النقاشات اليومية بين مرتاديها.



مشاهد أخرى فى رائعة الكاتب صالح مرسى «دموع فى عيون وقحة» عن شبكة الدكتور والأستاذ والتوجيهات إلى «جمعة الشوان» بالتواجد فى المقهى واستراق السمع لنقاشات الجالسين وإرسالها وجملة الريس زكريا الشهيرة له عن أهمية «كل حاجة وأى حاجة مهما كانت بسيطة» وذلك عن كل ما يقال أو يثار.

فى عصر المعلومات وتغلغل شبكات التواصل الاجتماعى أصبح الأمر أسهل ولا يحتاج إلى كل تلك المشقة فالجميع يتبرع بالنشر والإفصاح عن كل ما يجيش فى الصدور ويختلج فى العقول من أفكار وآراء وأحاسيس وخلافه كما يقوم الجميع بالاستجابة لطلبات الصداقة من أشخاص يعرفونهم وأشخاص لا يعرفونهم طمعا فى زيادة أعداد الأصدقاء والمتابعين جريا وراء الشهرة الزائفة التى ترضى الغرور البشرى.

لم يسلم أى منا من تلك الطلبات الغريبة من حسابات تم إنشاؤها منذ سويعات قليلة بها أعداد محدودة من الأصدقاء ولا تعليقات على الإطلاق.

شاهدنا حفلات زفاف وأعياد ميلاد وأطباق بها طعام وأصدقاء فى المستشفيات أو حتى داخل غرف العناية المركزة أو فى المقابر بل وصل الأمر إلى تصوير القبور من الداخل.

شاهدنا تمارين الأطفال فى النوادى وحفلات التكريم والتخرج وصراعات مشجعى النوادى الرياضية والآراء فى الفن والدين والسياسة والطب والهندسة والأمراض والأوبئة والآراء فى القادة والسياسيين والكتاب والمفكرين ورجال الدين والفن والمغنيين وعارضى الأزياء كما شاهدنا وجهات النظر حول هذا المسلسل أو ذاك الفيلم أو تلك الأغنية أو المسرحية.

حديث حول الأزمات والكوارث والمعتقدات والتوجهات والنوايا الحالية والخطط المستقبلية... حاليا نشاهد بكثرة إشعارات الوفيات بصورة غير مسبوقة دفعت البعض للتجويد بوضع إشعارات عن آبائهم الذين غادرونا منذ عشرات السنين.

كل تلك المعلومات مهما بدت تافهة ومتناثرة الا أن تحليلها بصورة علمية يمكن أن يكشف الكثير سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة كما يمكن إيجاد روابط بين قضايا وموضوعات تبدو للرائى أنها منفصلة أشد الانفصال.

ما الحل إذا؟ ببساطة نعود إلى استحضار فكرة ومفهوم «الوعى»... الوعى بما يحدث ويكتب ويتم تحليله كما يجب علينا أيضا أن نتوخى الحذر وربما يكون من واجبنا أن نضلل من يحاول أن يستخرج ويحلل تلك البيانات وذلك من خلال منشورات عامة أو إيجابية والبعد عن التحدث فيما يمكن أن يضر بلادنا ومجتمعاتنا.

علينا أن نستحضر جوالمقهى ونسأل أنفسنا سؤالًا مهمًا... هل لو كنا جالسين على أحد المقاهى نتحدث مع أحد الاصدقاء فى أمر خاص هل كنا سنقوم بأى حال من الأحوال باعتلاء الطاولة الموجودة أمامنا والتحدث لكل جمهور المقهى عن نفس الموضوعات؟