الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الاستقطاب السياسى ووسائل التواصل الاجتماعى «1-4»

الاستقطاب السياسى ووسائل التواصل الاجتماعى «1-4»

فى الثمانينيات من القرن الماضى انتشرت صورة فوتوغرافية لطريق فى إحدى الغابات به أشجار عن اليمين وعن اليسار حيث شكلت جذوع تلك الاشجار عبارة «لا اله الا الله محمد رسول الله».. انتشرت الصورة كالنار فى الهشيم فلا تجد دكانا أو متجرا أو حتى مسجدا الا وقد وضـعها فى مكان ظاهر داخل إطار زجاجى أنيق مع كتابة الآية الكريمة) «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الْآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» (فصلت53) مع شرح وتبيان إلى أن الصورة تم التقاطها فى إحدى الغابات بألمانيا وأن الحكومة الألمانية بعد أن تزايدت أعداد الزوار وأيضا تزايد أعداد الداخلين فى الدين الإسلامى بعد مشاهدة تلك المعجزة قامت بعمل سور حصين لمنع الزيارات ومنع الافتتان بهذه المعجزة.



الأمر حمل أكثر من رسالة أولها مداعبة مشاعر المسلمين فى العالم الإسلامى كله بالتأكيد على أن الدين الإسلامى هو الدين الحق وأن الله يرسل الينا تلك المعجزات للتثبيت كما أن تلك المعجزة وظهورها فى دولة لا تدين بدين الإسلام إنما هو بمثابة رسالة ومساهمة فى نشر الدعوة الإسلامية ودخول عشرات الآلاف فى هذا الدين كما تظهر أيضا مدى كراهية الغرب للإسلام ومحاولاتهم المستميتة لإخفاء تلك المعجزة خشية تأثيرها على شعوبهم.

من عاصر تلك الفترة يعرف جيدا كم الانتشار لتلك الصورة وكم المناقشات المطروحة حولها وأيضا كم الأصوات العقلانية التى شككت فى مصداقية الصورة أو التى اشارت إلى أنها لوحة لفنان مصرى وليست صورة فوتوغرافية.. أصوات قليلة موضوعية ضاعت وسط زخم الاقتناع والانبهار.

الغرض الأخطر مرتبط بقياس القدرة على الحشد والتوجيه للعالم الإسلامى والقدرة على بث بذور الكراهية ضد الغرب.

حدث أمر مشابة فى بداية التسعينيات بعد غزو العراق للكويت والحديث عن إحراق آبار البترول وتصريفها فى مياه الخليج حيث انتشر مقطع فيديو لإوزة تترنح على الشاطئ نتيجة المياه الملوثة مع انتشار الحديث عن التأثيرات البيئية لإلقاء البترول فى المياه.

لم يسأل أحد نفسه لماذا قامت الحكومة الألمانية ببناء سياج بدلا من أن تزيل تلك الأشجار تماما كما لم يسأل احد عن تلك الإوزة وهل هى موجودة بالفعل وتعيش فى الخليج العربى.. اتضح فيما بعد أن الصورة لخليج المكسيك بعد تسريب زيتى من إحدى الناقلات العملاقة.

غدا نكمل