الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كورونا وإطالة الصلاة

كورونا وإطالة الصلاة

فى الوقت الذى يمر فيه العالم والإنسانية بالموجة الثانية من جائحة كورونا، لا يزال داخل مجتمعاتنا من يعتقد أنه بعيد عن هذا الوباء وأن له الحرية فى التصرف كيفما يشاء فيرى ما يفعله صحيحا ويعتبر ما يفعله هو قمة الإيمان والتوكل على الله، ولسان حاله: «سيبها على الله» وهو فى الحقيقة يخالف سنة الله  من الأخذ بالأسباب، وإلا ما نهانا النبى عن دخول بلد انتشر فيه طاعون. 



فالشرع أعطى منهجا واضحا فى مسألة التعامل مع انتشار الأمراض الخطيرة، فلقد روى البخارى  ومسلم عن أُسَامَةَ بْن زَيْدٍ رضى الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) .

فهذه هى حقيقة التعامل مع الأمرض والأوبئة وفق الدين وهى الوقاية، ورغم وضوح تلك  التعليمات الدينية نرى فى بعض المساجد من يتصرف بطريقة ليس فيها أى وقاية، فعلى الرغم من إجراءات الأوقاف المشددة على المساجد والأئمة باتخاذ كافة الإجراءات الإحترازية للحد من انتشار  مرض كورونا، وصدور قرارات بغلق بعض المساجد لمخالفتها تلك الإجراءات إلا أنه لابد وأن تكون هناك تعليمات واضحة فيما يتعلق بوقت إقامة الصلاة ومدتها.

ففى بعض المساجد نجد أن هناك إطالة واضحة بين الآذان وإقامة الصلاة، قد تزيد على رب ساعة، الأمر الذى يطول معه انتظار بعض المصلين داخل المسجد، مما يخالف الإجراءات الاحترازية من مرض كورونا .

 وإلى جانب وقت الانتظار بين الآذان وإقامة الصلاة نجد بعض مقيمى الشعائر أو الآئمة يتعمد  إطالة قراءته فى الصلاة  معتبرا أن هذا من السنة، ولقد شاهدت بنفسى أحد الأئمة يعنف المصلين عقب طلبه الاختصار فى القراءة، وفى مسجد آخر استغرقت صلاة العشاء أكثر من ربع الساعة وكان الإمام يتغنى بصوته وقرأ ما يقرب من ربع فى الركعة الأولى، كل هذا فى الوقت الذى تنبه فيه وزارة الأوقاف على ضرورة أن تكون خطبة الجمعة الأسبوعية لا تزيد علي عشر دقائق، فما بابلنا بالصلاة العادية.

وقد يعتبر البعض أن الحديث فى مسألة إطالة الصلاة مخالف للإيمان وحب الوقوف بين يدى الله، لكنه فى الحقيقة  يتفق مع حقيقة الوضع الذى نعيشه اليوم من انتشار الوباء، وضرورة تقليل أوقات الاختلاط .

وكلمة حق.. إن الحديث عن ضرورة تقليل وقت الصلاة فى المساجد لا يعنى قلة إيمان ولا محاربة لإقامة الصلاة وإنما هى محاولة لبقاء المساجد مفتوحة حتى لا تصبح سببا فى انتشار المرض بسبب تصرفات غير مسئولة من بعض الأئمة ومقيمى الشعائر.

وقد يرى البعض أنه بدلا من الحديث عن إطالة الصلاة بالمسجد غلق المقاهى والكافيهات، والرد فى هذا أن ما يهمنى هو أن تظل بيوت الله مفتوحة يعلو فيه الآذان وتقام فيها الصلاة حتى مع انتشار المرض.. ويستحيل لأى مسلم صحيح الإيمان أن يكون سببا فى غلق أى مسجد بسبب تصرفات البعض.. حفظ الله مصر وجعل مساجدها  عامرة بذكر الله.