الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ماما قدوتى

ماما قدوتى

أحلام كثيرة نحملها داخلنا نسعى لتحقيقها، نصبر ونتعب ونجتهد من أجل أن ترى النور، لنفتخر بها ونعلنها أمام الجميع وفرحة النصر تعلو ملامحنا لنقول للعالم «ها أنا ذا».. لقد حققت هدفى أخيراً، وتتنوع الأحلام والطموحات باختلاف البشر، هناك من يتمنى امتلاك سيارة فارهة ومنزل واسع بأثاثه الراقى، وآخرون يتمنون أن يكون لديهم مشروع مكاسبه مضمونة أو عمل براتب محترم يعيشهم كالملوك، وهناك من يحلمون بالسلطة والمنصب وأن يكون لهم تأثير فى صنع القرار، ومع كل هذه الأحلام المشروعة هناك من يقف بعيدًا يحلم بالاستثمار ولكنه من نوع آخر وهو الاستثمار فى الأبناء.



ما هو الأفضل للأبناء.. أن نترك لهم رصيداً فى البنوك.. أم نترك لهم عقارات نمنحها لهم ليبدأوا بها حياتهم.. أم نترك لهم شركات ومؤسسات تقيهم شر الزمن.. أم ننفق قيمة كل ذلك على تعليمهم وتأهيلهم.. أم نحاول أن نفعل كل ذلك معاً؟! إنه السؤال الصعب الذى يواجه الآباء، فالأسرة هى السوق الاستثمارية التى يبدأ فيها استثمار الأموال فى البناء، وهى المصنع الحقيقى الذى ينتج البشر، فحين يبنى الإنسان نفسه جيداً، فهو يبنى أباً بمعنى الكلمة لأبنائه، ويقدم أماً قادرة على تربية هؤلاء الأبناء تربية سليمة وصحية، باختصار فإن الإنسان يبنى مشروع حياته الذى سوف يستثمر فيه أبناءه.

الاستثمار فى الأبناء ليس بالمال فقط، وليس بتقديم الفرص فقط، بل يجب أن نستثمر جزءاً من وقتنا أيضاً من أجل الأبناء، فبإمكانك تخصيص ساعة فى الشهر لكل ابن من أبنائك، تخرج أو تجلس معه منفرداً، وتستمع له، تتعرف إلى مشكلاته وهمومه، وتعطيه جزءاً من خبراتك التى تلائم زمانه وتتوافق معه، وبنفس الوقت تحصل منه على صدى لطريقتك وأسلوبك فى التربية، أين أخطأت و أين أصبت، فأنت بذلك تشعره بأهميته بالنسبة لك، وتعلمه طرقًا جديدة، للتواصل مع ذاته ومع الآخرين.

الاستثمار فى الأبناء أن تساعدهم على مواكبة التطورات التكنولوجية بحدود وضمانات، فالمنع من التعرض لهذه الوسائل التكنولوجية يعد تطرفاً كما أن الافراط فى الاستخدام يعتبر «تكبير دماغ»، وكلاهما يؤديان إلى نفس سكة الندامة، فلا مانع أن تسمح لهم بالدخول، بالطبع ليس بمفردهم بل أنت معهم ممسكاً بأيديهم لتدلهم على الطريق الصحيح حتى لا يتوهوا فى زحمة التطبيقات ودوشة الإشعارات، أن تدلهم ليتقنوا الطريق بمفردهم فربما بعدها يأتى اليوم الذى تفتح فيه «الحالة» الخاصة بهم بالصدفة لتجدهم يعلنون أمام الجميع إنجازاتهم ويعبرون عن آمالهم وطموحاتهم، ويشيرون بكل فخر إليك أو إليكِ ويقولون «أنت قدوتي» أو «ماما هى قدوتي».. إنه شعور يستحق كل هذا العناء والوقت والمال.. يستحق أن يعاش بالفعل.