الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أفراس النهر فى طيبة

أفراس النهر فى طيبة

عندما احتل الهكسوس شمال مصر وفعلوا بها ما فعلوا من أفاعيل تذكر بالمحتل العثمانى وغيره... بعث أمير الهكسوس رسالة من منف الى الملك المصرى «سقنن رع» القاطن فى طيبة-الأقصر- فى الجنوب مفادها أن «صوت افراس النهر تزعجه وتقض مضجعه» درسنا هذه الرسالة المستفزة فى كتب التاريخ فى المدارس كما مرننا بها كثيرا عند دراسة هذا الجزء من تاريخ مصر القديمة...رسالة يراها البعض رسالة استفزاز ويراها البعض تحمل رسالة ضمنية أخرى وهى ان أمير الهكسوس يعلم بتجهيز سقنن رع لجيش تمهيدا للزحف وتحرير البلاد فيستخف منه ويرسل له تلك الرسالة على سبيل التهديد والاشعار باليأس.



تسارعت الأحداث فيما بعد وقتل الهكسوس الملك سقنن رع بعد أن عذبوه بوحشية فاستكمل القتال ابنه كامس الذى قتل أيضا ثم استكمل الابن الثانى «احمس» المسيرة حتى استطاع طرد الهكسوس وتوحيد الدولة تحت قيادة جيش قوى.

للروائى عبدالحميد جودة السحار رواية بديعة بعنوان «احمس بطل الاستقلال» صدرت نسختها الأولى عام 1943 تحكى وقائع تلك الفترة بالتفصيل فى ثوب ادبى قشيب. عودة إلى رسالة الهكسوس إلى الملك سقنن رع...ننظر حولنا فنجد العديد من الرسائل المشابهة نمر بها كل يوم....الفاظ وكلمات وتصريحات تثير الحنق والغيظ او السخرية والضحك...تصدر من الجميع بنسب مختلفة...فى المنزل والشارع والعمل...تتولد أيضا فى الصراعات بين الدول .....الغرض الأساسى هو ممارسة الضغوط للحصول على مكتسبات أو اتخاذ تلك الرسائل كذريعة لتصعيد التحرك...يكون من السذاجة محاولة الاستجابة لتلك التصريحات بالكلية أو محاولة علاج الامر الذى تشير اليه...فالحجج كثيرة ولن تنتهى...اتخيل مشهدا عبثيا يقوم فيه الملك سقنن رع بجمع معاونيه سائلا إياهم اقتراح حلول لتلك الرسالة وكيف يمكن التجاوب معها.

أجد اكثر الحلول عبثية أن يتم تكميم أفواه أفراس النهر وأتخيل نظرة الملك لمقترح هذا الحل العبثى.

ما الحل إذا؟...الحل ببساطة ليس بالطبع إهمال أى رسالة ولكن لابد من تمريرها على العقل والمنطق واستشارة الآخرين واتباع ما يمليه عليه ضميرك ويزنه عقلك ويرتاح إليه قلبك وهو مافعله الملك سقنن رع ببراعة ومن بعده ابناءه العظام.