الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جهل «أبو الغربان»

جهل «أبو الغربان»

من البشر جهلاء، وهم يعرفون ذلك، فيبذلون الغالى والنفيس، حتى يتجاوزوا الجهل،  ومنهم من لا يعرف ذلك، وحين ينتبه ويسمع للناس، يسعى فورا وبكل الوسائل إلى التغيير والتبديل، ومنهم للأسف وهؤلاء فى أسفل السافلين، الجاهل الذى لا يعرف أنه جاهل ويتخيل أنه عالم وفاهم، ويُنكر أن نفسه الجهل، والكل بيتفرج عليه ويسخر من جهله بالجهل .



أبرز أعضاء الطائفة الأخيرة «غراب الإخوان الإرهابية» الناطق باللغة العربية، من على شاشة القناة التركية، المسماة بأنها مصرية إخوانية، وهو بلا فخر جاهل بكل صفات الجهل وسماته، وهو يتحدث بثقة تُشعرك أنك تقف أمام عالم، تستمع لأحكامه وتحليلاته المُضحكة.

وقف الغراب بكل ثقة، يسخر من إجراءات انتخابات هيئة مكتب مجلس النواب، وجهر بصوته عاليًا «علشان تعرفوا إنها تمثيلية» واستخدم رسالة للنائب مصطفى بكرى، حول التوافق الذى جرى على اختيار الأسماء المُرشحة، معتبرا وبكل ثقة، أنه يُسجل فتحا مبينا، ويكشف عن أسرار خطيرة تفضح النظام البرلمانى المصرى.

و لأن «الغراب» جاهل بقواعد العمل السياسى، ولأنه لا يفهم دلالات ومعانى التركات البرلمانية، فقد وصف ما عرضه بأنه فضيحة، وهو فعلا فضيحة، لكنها وللحقيقة فضيحة للغراب، كشفت عن جهله وغبائه، وأضحكت عليه القاصى والدانى.

ما لم يعلمه «الغراب» لأنه وفقط يبحث عن مشاهد مسرحية، وأداء «منظرى» يقوم به يوميا، أن القرارات الحاسمة فى البرلمانات المحترمة، تتم بالتشاور، والنتائج تصدر بالتحاور والتوافق بين المجموعات البرلمانية المختلفة، وفى الأغلب هى تصدر بأغلبية « ليست غشوم « وإنما الأغلبية المتوافقة .

لكن كل ذلك لا يعنى «الغراب» ليس من باب عدم الفهم، وإنما من باب الجهل، وهو كل ما يهمه، مشهد دراماتيكي، وأداء مسرحى كلاسيكي، فشل فى تحقيقه فى حياته بمصر، فقرر أن يفعله فى بلاد أعمامه العثمانلية، وللأسف لم يهتم أى من المحيطين به تنبيهه إلى جهله، رغم يقينى أن البعض حاول، لكن لأنه جاهل بأنه جاهل لم يلتفت أو يستمع أو يفكر، قبل أن يشهر سيف البطل الإغريقى، ليعاود غرسه فى خصره بجهله المُطبق.

و للتستر عن جهله بجهله، يستخدم الغراب لغة الجسد، ليستر به عورات جهله،  وليضفى بها أجواء مسرحية، من خلالها يخفى مناطق ضعفه وفشله وجهله بما يقول، فتجده مرتديا حللا وبدلات سهرات، كتلك التى يرتديها رواد الحفلات الليلية، ولأنه مريض بداء النجومية، يحرص على الانتقاء لتحقيق تنوع، لا يعلم لأنه جاهل كم هو مضحك ولا يتناسب أبدا مع الصورة الإعلامية، وينتقل من اليمين لليسار، ويدور حول نفسه، رافعا يده للأعلى، وبصوت جهوري، يلقى بألفاظ مُضحكة، وتفسيرات جاهلة للأحداث.

«الغراب الجاهل» تصور أنه قادر على خداع الناس، فبدأ فى عرض شكاوى لمواطنين مزعومين، لتوضيح كم يعيش الناس فى مأساة، ولأنه جاهل بجهله، ولا يعلم أن الناس يعرفون جهله، حاول أن يظهر بما ليس فيه، مدعيا أنه اكتشف ثغرات فى الرسائل تؤكد كذبها، ليثبت أنه لا يذيع إلا الحقيقة، ولم ينتبه الجاهل، لسخرية الناس من محاولته، التى يُفترض أنه يكتشف ثغرات تلك الرسائل قبل إذاعتها، والامتناع عن عرضها، لكنه جاهل حتى بقواعد العمل الذى يقوم به .

«أبو الغربان» الإخوانى الإرهابى، يزعُم أنه ليس كذلك، وهو أمر مُدهش أن تعيش فى كنف الجماعة الإرهابية، وتعمل فى مؤسساتها، وترتزق من أموالها، وتنشر رسائلها، وتدافع عنها، وعن مرشدها الأعلى العثمانلي، ثم تقول إنك لست كذلك. فعلا جاهل بجهلك يا أبو الغربان