السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من فوق الوش

من فوق الوش

أكثر تعبير يناسب كل ما نراه على شبكات التواصل الاجتماعى من حيث الإشارة إلى سطحية الأفكار والمبادئ والمعارف والأخبار والأكاذيب أيضًا.عندما تفكر فى نشر مقال مطول أو الحديث بجدية فى أى موضوع فإن معدلات التفاعل تكون متواضعة, البعض يقوم بإشارات الإعجاب لمجرد المجاملة فربما لا يتجشم عناء القراءة حتى النهاية.



على النقيض فكل منشور صغير ويا حبذا إن كان تافهًا أو يحمل أمورًا عجيبة- أغلبها مكذوب- فإن نسب المشاهدة وأعداد إشارات الإعجاب وإعادة النشر لا تقارن بالحالة الأولى

نفس الشىء بالنسبة لحجم مقاطع الفيديو, فنادرًا ما يستطيع أى مستخدم أن يشاهد مقطعًا تزيد مدته على خمس دقائق إلا فيما ندر, الإحصائيات تشير إلى أن أغلب المشاهدين يغلقون الملفات بعد مدة لا تزيد على 30 ثانية والمعنى ببساطة أن تلك الشبكات تجبرنا على الاختصار والتركيز فى المعلومة والخبر أو الكذبة مع استخدام ألوان براقة وعناوين جاذبة ما المشكلة إذًا؟ المشكلة تكمن فى أجزاء متعددة منها أن هذا الأسلوب من المعلومات المختصرة المجتزئة لا يمكن أن تبنى إنسانًا مثقفًا أو ذا دراية كافية بكل أبعاد أى موضوع مهما كان الموضوع تافهًا أو مهمًا.

ثم إن هذا الاختصار المخل فى أحيان كثيرة يترك للقارئ مهمة هضم ما تلقاه واستنتاج الأجزاء المختفية وكذا أيضًا الوصول إلى  قناعات بناء على هذا الفهم المحدود الخطورة عندما ينتقل المتلقى من مرحلة الفهم المحدود إلى مرحلة الفعل, وهنا تكمن الكارثة فحتى على مستوى الأديان السماوية فإن الفهم مقدم على العمل لأن العقل هو أعظم هدية أنعم الله بها علينا وتلك الشبكات المختلفة تلغى أهم عمليات يقوم بها العقل من استيعاب ومقارنة وتحليل وصولًا إلى  قناعات, ومن ثم البدء فى التخطيط للعمل.

مشكلة أخرى نراها أحيانًا وهى وجود مجموعة من أبناء شبكات التواصل الاجتماعى ممن يحاولون تأليف كتب أو عمل دراسات أو أبحاث علمية ولكن للأسف بأسلوب يعتمد على معلومات شبكات التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية المختصرة, ومن ثم فإن المنتج النهائى لا يحمل أى درجة من العمق مهما عظم عدد كلماته أو عدد صفحاته, فتجد أمامك مجموعة من المناشيتات متراصة بجوار بعضها البعض لتنتج كتابًا أو مقالًا مطولًا تصاب فى نهايته بالدوار والغثيان والندم على الوقت الضائع فى الاستمرار «من فوق الوش».