السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النصاب الفاشل

النصاب الفاشل

شهدت الفترة التى أعقبت ظهور فيروس كوفيد 19 المعروف باسم كورونا تطورًا هائلًا فى طرق ووسائل النصب والاحتيال من البعض لدرجة أن أحدهم أدعى إصابته بالسرطان وانتظار الموت وانتشرت صور له حليق الرأس أصفر الوجه ويرتدى ملابسًا نقشت عليها عبارات الاسترحام والضعف ومطالبة المواطنين بالتضامن معه وإعانته فى محنته. 



فى الحقيقة أن ردة فعل المواطنين كشفت عن طيب معدن الشعب المصرى واستعداده لإغاثة الملهوف والوقوف بجوار المحتاج والمريض ومن يمر بأزمة وهذا أمر ليس بجديد على الشعب المصرى المشهور بالشهامة والطيبة والذكاء، وهذا الأخير جعل الناس تبحث عن طريقة لإنقاذ الشاب العشرينى الذى ملأ الدنيا هو ووالدته صورًا وعبارات محزنة ليكتشف المتعاطفون أن الشاب ليس مريضًا ولا يعانى من أي أمراض, وتم القبض عليه وإحالته للتحقيق ووالدته التى شجعته على خداع الطيبين من المصريين 

السؤال هنا لماذا يلجأ شاب فى مقتبل العمر لهذه الحيلة المميتة ويدعى على نفسه مرضًا خطيرًا مثل هذا المرض اللعين ؟

الحقيقة أن البعض يهرب من مسئولياته ومن مواجهة تكاليف الحياة إلى هذه الحيل الرخيصة ليحقق ربحًا سهلًا ومريحًا وهذا الربح قد يغرى آخرين فيتضامنون معه ويشجعونه وأحيانًا يشاركونه فى جريمته كما فعلت والدة هذا الشاب!

والحقيقة أن النصب تطور كثيرًا لدرجة أن الادعاء على النفس بالأمراض الخبيثة أصبح مدرجًا فى هذه الحيل لكسب التعاطف والتبرعات ، وهذه الحيلة ذكرتنى بنصاب ظهر فى فترة السبعينيات وكتبت عنه الصحافة وقتها كثيرًا, وبدأت حين دخل شاب أنيق مهندم إلى محل فلافل شهير وطلب من الرجل تجهيز 500 قرص طعمية له إلى أن يشترى بعض الأدوات الكهربية من المتجر المجاور له، وبالفعل انشغل كل العمال فى الإعداد والتجهيز لهذه الكمية الهائلة من أقراص الطعمية، وفى المتجر الكهربائى دخل النصاب وجمع أدوات كهربية ومستلزمات قدرها صاحب المتجر بمبلغ 800 جنيه وهومبلغ كبير جدًا بمقاييس هذه الفترة، ثم أعطى التاجر ثلاثمائة جنيه وقال له الخمسمائة الباقية يمكن أن تأخذها من المعلم صاحب المطعم وصحبه للخارج وتعمد أن ينادى على الرجل ويقول له بصوت مرتفع الخمسمائة التى عندك اعطها لصاحب متجر الأدوات الكهربية واختفى من فوره، بعد ربع ساعة تقريبًا نادى صاحب المطعم على تاجر الأدوات الكهربية ليتسلم الخمسمائة قرص طعمية، تعجب الرجل وقال له أريد خمسمائة جنيه يارجل فتعطينى خمسمائة قرص طعمية ومطلوب منى أن أدفع ثمنها أيضًا, واكتشف التاجران الفخ الذى نصبه لهما النصاب الذكى، لكن الشاب الذى ادعى المرض الخبيث لم يكن نصابًا ذكيًا بدليل أنه رهن التحقيق الآن!

هذه الواقعة تجعلنى أقول للشباب إن تحقيق الطموح لا يمكن أن يأتى بالتحايل والنصب وإنما بالعمل الجاد والمثابرة وتطوير الذات ومواجهة الصعاب بقوة، والنماذج التى بدأت من الصفر ووصلت إلى قمة النجاح كثيرة ومثيرة وجميلة وأسماؤها معروفة سواء كانوا مصريين أوغير مصريين، وإن الكفاح والنجاح طعمه أحلى بكثير من الربح المغموس بقهر الآخرين وحسرتهم.