الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فكرة جهنمية

فكرة جهنمية

مع انتشار السوشيال ميديا تنامى لدى كثيرين مرض حب الشهرة والظهور وتسليط الأضواء، فكل يوم نسمع عن فكرة حديثة على مجتمعنا أطلقها فرد أو مجموعة أفراد تتناولها وسائل الإعلام المختلفة ويتحدث عنها الآخرون على مختلف وسائل التواصل الاجتماعى لتتحول إلى تريند يأخذ وقته فى الحديث لفترة تستغرق يومين أو ثلاثة وربما أسبوعًا لتختفى ويحل محلها فكرة أكثر جهنمية وهكذا تحولت حياتنا وأحاديثنا ويومياتنا إلى تريندات تحتلها مجموعة لا بأس بها من الأفكار الجهنمية الخزعبلية الشيطانية السيكوباتية اللامنطقية اللاعقلية الافتراضية. 



جنون الهوس بالشهرة دفع شابًا مصريًا، لا داعى لذكر اسمه، الإدعاء بإصابته بمرض السرطان، فقط من أجل لايكات إضافية ومزيد من التعاطف على مواقع التواصل، وحتى يحبك القصة الوهمية حلق شعره بل استخدم والدته لتأكيد القصة المزيفة، لكن تشكيك البعض فى القصة واستخدامه صورة مزيفة أكد الشكوك وتأكد كذبه بتحقيقات النيابة التى ألقت القبض عليه.

أما ما يعرف إعلاميا بمبادرة «زواج التجربة»، والتى تُعْنَى بزيادة الشروط والضوابط الخاصة فى عقد الزواج، وإثباتها فى عقد مدنى منفصل عن وثيقة الزواج، والهدف من ذلك إلزام الزوجين بعدم الانفصال فى مدة أقصاها من ثلاث إلى خمس سنين، يكون الزوجان بعدها فى حِلٍّ من أمرهما، إما باستمرار الزواج، أو الانفصال حال استحالة العشرة بينهما فقد رفضها الأزهر وقضت دار الإفتاء بتحريم هذا النوع من الزواج واصفة مصطلح التجربة بأنه يحمل معانى سلبية دخيلة على قيم المجتمع المصرى المتدين الذى يَأبى ما يخالف الشرع أو القيم الاجتماعية وأكدت أنه تم استخدامه لتحقيق شهرة زائفة ودعاية رخيصة فى الفضاء الإلكتروني.

فيما قامت الدنيا ولم تقعد بعد انتشار صور لامرأة حامل برفقة زوجها وثارت العديد من التساؤلات على السوشيال ميديا، الأمر الذى فتح باب الجدل والتكهنات حول حقيقة الصور، حيث نسبها عدد من الصفحات على فيس بوك لحفل زفاف عروس حامل، ولكن تبين لاحقاً أنها تعود فى الأصل إلى حفل بين عدد من الأصدقاء والأقارب لمعرفة نوع الجنين، ويبدو أن من أخذ أسكرين من الفيديو الذى رفعه صاحب الحفل قام عن جهل بتحريف الكلام وتأليف قصة على مزاجه لمجرد أنها ستحصد لايكات كثيرة مما يعنى مزيدًا من الشهرة بحكم أن الفكرة تحمل من الغرابة ما يثير الدهشة خاصة فى ظل الظروف التى يمر بها العالم ويعانى فيها كثير من الدول والشعوب من أزمات مالية فى ظل فيروس كورونا المستجد، فالمولود إما أن يكون يا ولد يا بنت و الحالتان خير»!

واقعة أخرى أثارت جدلًا كبيرًا، بعد تصنيع تورتة على هيئة أعضاء تناسلية، وظهرت فيه صور أعضاء نادى الجزيرة أثناء احتفالهن، وإذا كان شكل التورت مقززاً فإن صور العضوات وهن يبتسمن أثناء الإمساك بالاطباق التى تظهر المجسمات الجنسية يدعو لمزيد من التقزز والتقيؤ والتساؤل هنا ما الذى يدفع سيدات كبيرات فى السن إلى الإقدام على ذلك فهل هو تقليد أعمى للغرب أم رغبة متوحشة فى مزيد من الشهرة وحصد المزيد من اللايك والشير.

هكذا أصبحت الشهرة لكثيرين خصلة سهلة المنال، فهى لا تحتاج لعلم ولا تميز خلق، ولا حتى ثقافة؛ لكونها فارغة المحتوى حتى أصبحت ظاهرة مرضية، ووباءً اجتماعيا سريع الانتشار، يتنافسون عليه ويتباهون بكثرة المتابعين لا بمحتوى ما قدموا، وباتت وسائل التواصل الاجتماعى من أهم أدوات الشهرة؛ لتوثيق كل لحظة وكل حدث، وبشكل مباشر، مع إمكانية التفاعل مع المتابعين، ومعرفة ردود أفعالهم تجاه كل حدث.

لا شك أن الشهرة حلوة وكل فرد يريد أن يكون من المشاهير ويحاول أن يجد لنفسه مكانة ويرسم لنفسه صورة لامعة ولكن باحترامه لنفسه أولاً، وبسلوك يضيف له قبل الآخرين لمسة نافعة، وبالشىء القيم الذى يفعله والمحتوى الجيد الذى يقدمه وليس بقلة القيمة أو قلة الفكر أو الاستعطاف أو الخروج عن العادات والتقاليد التى تربينا عليها، فنحن بحاجة لتعديل المسار لتتحول الشهرة من مجرد غاية إلى وسيلة لغاية ذات قيمة، ووسيلة لنشر الفضيلة أياً كانت.