لغة رصينة 2-2
أتذكر كم الفخر والإعجاب باللغة العربية الرصينة للمستشار عدلى منصور مقارنة بسابقه.. الإشكالية الأساسية فى المعين الذى يستقى منه ابناء هذا الجيل لغتهم...مواقف كثيرة نختبر فيها تلك اللغة الركيكة بلا أى خجل أو إحساس بالتدنى لا من المتحدث ولا من المتلقى فما هو مستقبل اللغة العربية.
اتذكر أيضا كيف كنا نلتقى مع اشقائنا من الدول العربية المختلفة وكنا نحاول أن نفهم اللغة العامية التى يتحدث بها أبناء كل بلد وفى نقطة معينة من الحديث نتفق أن نعود إلى اللغة العربية لنفهم بعضنا البعض...أتذكر كيف أندهش أحد المشاركين من إحدى الدول الأجنبية كيف نفهم بعضنا البعض ونحن ابناء دول مختلفة.
المشكلة تكمن فى ظهور لغة عربية ركيكة تغلغلت ولاتزال فى كل المجالات ويشب الجيل الجديد فيعتقد خطأ انها هى اللغة العربية الرصينة فيمارسها وتمارس عليه...طريق واضح نحو هوة سحيقة تقبع فيها الفاظ وتعبيرات وتراكيب لغوية ما أنزل الله بها من سلطان.
حملات التغريب التى ندور فى أفلاكها لا تهتم باللغة العربية...أرى الفخر فى أعين الأهل عندما يتحدثون بكل سعادة عن دور الحضانات أو المدارس التى لا يسمح فيها الا بالتحدث باللغة الانجليزية فقط...لماذا لا نصر على ان يتحدث الاطفال فى المدارس العربية باللغة الفصحى...لماذا نتنمر على من يتحدث بلغتنا الجميلة فى محاولة ناجحة لجعله يتخلى عن هذا الخطاب ويعود مجددا إلى اللغة العامية الجديدة والتى لا يمكن مقارنتها بعامية الآباء والأجداد.
لماذا لا يفرض على ضيوف البرامج الحوارية ومقدميها التخلى عن الحديث بالعامية مفسحين المجال للفصحى الثرية...حلم ربما يتحقق على الأقل فى البرامج المتخصصة فلا معنى للحديث بالعامية السوقية فى البرامج الثقافية مثلما نسمع الآن.
القرآن الكريم والأعمال الأدبية الرشيقة لابد من أن تتبوأ مكانتها مرة أخرى.. ربما نحتاج إلى أعداد قائمة ببعض الأعمال التى يجب على النشء دراستها وقراءتها و إنتاج أعمال خاصة بهم-على الأقل فى موضوعات التعبير- تكون نتيجة لما أصبح لديهم من مخزون لغوى و بلاغى بدلا من العشوائية الحالية فلا يمكن بأى حال من الأحوال ضبط اللغة بدون تغذية العقول بالصحيح منها.
ولمن يهتم باللغات الأخرى أقول له إن نجاحك فى التمكن من تلك اللغات يعتمد بالدرجة الاولى على تمكنك من لغتك العربية السليمة...لغة الضاد...لغة القرآن الكريم.