الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يا خسارة!

يا خسارة!

فى مشهد حماسى جميل، نادراً ما يتكرر إلا فى الأحداث الحاسمة، التف أفراد الأسرة سويا، أمام شاشة التلفاز يشاهدون على قلب رجل واحد مباراة مصر والدنمارك فى بطولة كأس العالم لكرة اليد، يهتفون بأعلى أصواتهم مرددين أهازيجهم وقد طغى عليهم الحماس وكأنهم فى حرب ضروس، ولم يكن الأطفال بمنأى عن المشهد الرائع بل كانوا جزءًا منها، إذ أرادوا أن يحركوا الرياح بما تشتهى السفن، فخيالهم الخصب البريء صور لبعضهم أن بإمكانهم اقتحام الشاشة للوصول لملعب المبارة ومساعدة أبطال المنتخب على تحقيق الفوز ولكنه درب من دروب الأحلام.



أطفال اليوم يختلفون عن أطفال الماضي، فهم الآن أنصح وأنضج وأكثر وعيا، ولديهم، رغم سنهم الصغيرة، شعوراً لا يتجزأ بالانتماء وحب البلد، وهذا المشهد المبهج لا يدفعنا سوى الاعتراف بأن الرياضة توحد الناس، كباراً وصغاراً،  وتؤلف بينهم وتزيدهم لحمة خاصة إذا ما كان المنتخب الوطنى أحد الفريقين، وقد لا يكون من باب المبالغة إذا ما قلنا إن المباريات الرياضية هى مجال للتعبير عن حب الوطن ومناسبة لإطلاق العنان للنفس فى الإعلان عن هذا الحب الدفين، وهى بذلك أى المباريات الرياضية تجسد الوطن حاضرا بشعار القمصان التى يرتديها لاعبو المنتخب، هذا الشعور الجياش نحو الوطن فى المسابقات الرياضية ليس حكراً على مجتمع دون آخر وإنما هو جزء من التكوين البشرى الذى فطر الناس عليه.

نعم خسرنا المباراة وبكينا وذرفت أعيننا الدموع لكننا حققنا مكاسب أخرى، إذ كسب لاعبو المنتخب احترام العالم بأدائه المشرف وإصراره العنيد على تحقيق الفوز حتى آخر نفس فى المباراة ، كما كسبت الأسرة فرصة جديدة لتأكيد قيمة هامة لأبنائها الذين مازالوا فى بداية مشوارهم الرياضي، وهى أن الرياضة منافسة شريفة، فوز وهزيمة أو هزيمة وفوز ، غالب ومغلوب، منتصر ومهزوم، مكسب وخسارة، وهذان المعنيان مكملان لبعضهما فإذا لم تخسر لن تشعر بحلاوة ومتعة الانتصار، فالخسارة ليست النهاية لكنها بداية جديدة لمكسب قادم لا محالة.

من بين الطرق الفعّالة لإفهام الطفل أن الفوز لا يعنى كل شيء، التركيز على قيمة الروح الرياضية وأهميتها لنيل الفوز، وذلك باستخدام العبارات التشجيعية لشحذ همة الطفل وتحفيزه على مواصلة اللعب أو المنافسة تحت أى ضغط أو إحساس بالهزيمة، كتعزيز الوالدين لشعارات: «لا يهم المكسب أو الخسارة، الأهم هو الأداء الجيد بأخلاق رياضية» أو «المكسب ليس كل شيء» أو «أداؤك فى المباراة هو ما سيتذكره الناس، وليس النتيجة».،ويمكن الاستعانة بأمثلة من النجوم العالميين الذين حققوا أداء عالياً بدون تحقيق نتائج ومناقشته فى كيفية تقبله الخسارة، وذلك بمصافحة خصومه بعد الانتهاء من المنافسة، ما يجعله يدرك أن كل إنسان قد يصاب ببعض الهزائم والإخفاقات فى الوقت الذى يريد فيه تحقيق مزيد من فرص الفوز والانتصار، ما يوجب عليه أن يستشعر مشاعر الآخرين ويتقبل النتائج بشموخ وروح رياضية.