الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أمير الانتقام

أمير الانتقام

حالة من القلق وربما الصراخ وبعض العويل الذى لا يخلو من البكاء وندب الحظ تسيطر على جروبات الأمهات المطلقات بسبب مشروع قانون الأحوال الشخصية المزمع مناقشته فى مجلس النواب خلال الدورة الحالية، فالمشروع الذى وافق عليه مجلس الوزراء بشكل مبدأى يتضمن العديد من البنود التى تخص الرؤية والحضانة وترتيب الأب فى الحضانة وتنظيم أحكام الخطبة وقراءة الفاتحة وأحكام التراجع فيها وغيرها إلا أن بند الاستضافة خلق حالة من الجدل والبلبلة بين مؤيد وهم الآباء والمعارض وهم الأمهات، ففى حين يرى الآباء أن من حقهم استضافة الأبناء معهم يوم او اثنين أو أسبوع فى الأجازات ترى السيدات أن هذا البند يقدم فرصة عظيمة على طبق من ذهب لكى يحاول الأب الذى مات ضميره الانتقام من أم أبنائه بحرمانها منهم مدى الحياة ليصبح أميراً للانتقام، ولم لا وهناك حالات خطف كثيرة للأبناء تطالعنا بها وسائل السوشيال ميديا باختلاف تطبيقاتها من قبل بعض الآباء الذين تجردوا من الإنسانية بل سولت لهم أنفسهم بهتانا وظلما القيام بذلك دون رادع أو رقيب وإذا كان البعض يتهم الأمهات اللاتى يعترضن على بند الاستضافة بأنهن قاطعات أرحام، فأليس حرمان أم من رؤية ابنها مدى الحياة قطعا للأرحام واستهزاء بالإنسانية ويبقى الابن هو من يدفع الثمن ذلك طوال حياته.



من حق الأب أن يرى أبناءه ويقضى معهم وقتا ممتعا ومثمرا ولكن للأسف بعض الآباء الذين لم يعوا معنى المسئولية وقواعد التربية يسستغلون الرؤية فى الانتقام من المرأة التى كانت زوجته وأم أبنائه، ويستخدمون الأبناء كسلاح ضدها بأساليب متنوعة، فتارة بإلقاء كلمات السب والشتائم عليها على مرأى ومسمع من الأبناء، وتارة بتحريضهم على عدم طاعة الأم والانقلاب والتمرد عليها، وأحياناً بتوجيههم نحو الخطأ كناية فى الأم وأهلها، وقد أثبت الواقع أن السحر ينقلب على الساحر فأول من ينقلب عليه الأبناء هو الأب عديم المسئولية التربوية والأبوية والانقلاب هنا لا يعنى عصيانه أو عدم إطاعة أوامره  بقدر ما يتولد بداخل الابن أو الابنة إحساس دفين بالغربة وعدم التآلف والانسجام تجاه الأب المسكين!!

وفقاً لإحصائية أعلن عنها المجلس القومى للمرأة منذ فترة، فإن نسبة دعاوى النفقة تزيد على 70% من إجمالى الدعاوى المقدمة أمام محاكم الأسرة على مستوى الجمهورية، بينما تمثل قضايا الرؤية 4%، وفيما يتعلق بالشكاوى التى ترد إلى مكتب شكاوى المرأة بالمجلس فإن النفقة تتصدر القائمة، تليها الرؤية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المرأة بعد الطلاق هى الطرف الخاسر والأكثر معاناة، فمع ضغوط العمل وتربية الأبناء وظروف المعيشة الصعبة تتكبد مسئولية الإنفاق فى ظل امتناع الأب عن الإنفاق على أبنائه كناية فى الأم أو إعطائها أموال على مضض وعندما تتجه للمحكمة للحصول على حكم نفقة يأتى المبلغ صغيرا لا يسمن ولا يغنى من الجوع كما أنها تواجه مئات العقبات فى تنفيذه وسط تحايل بعض الرجال على القانون لعدم تنفيذ الأحكام بتغيير مقار سكنهم أو بيع ممتلكاتهم وخلافه.

إذا كان هناك بند للاستضافة فى قانون الأحوال الشخصية فيجب أن تكون بموافقة الحاضن والمحضون أى بالتراضى حتى لو كانت الحضانة مع الأب فيجب أن تتم الاستضافة للأم بالتراضي، لأن الإجبارغير مجد فى هذه الحالة وليس فى مصلحة الابن، وليس من المنطقى أن يذهب طفل عمره 7 سنوات لمنزل الأب ويجلس مع زوجة والده ولا نعرف ستعامله بشكل جيد أم سييء، وبصفة عامة فإن الموضوع فى حد ذاته سواء كان «استضافة» أو «رؤية» قاس على الطفل، ويجب أن يضع الأبوان فى الحسبان أن الاستضافة لن تكون على حساب الأولاد أو مشاعرهم، والسن الأمثل للاستضافة يجب أن تكون فوق 10 سنوات وليس قبل ذلك لأن السن الصغيرة لن تستوعب ما يحدث وسيقع عليه أضرار نفسية وينتج عنه إنسان مذبذب ومتردد وذو شخصية ضعيفة لذلك يجب أن نراعى عامل السن فى هذا القانون وفى هذا السن الصغيرة قانون الرؤية أفضل من قانون الاستضافة، كما يجب تحكيم شرع الله والضمير والإنسانية قبل القوانين حتى لا ننتج أطفالا مشوهين للمجتمع ويكون لدينا جيل من الآباء والأمهات مشوهين نتيجة تصدير التعامل بين الأب والأم من البداية.