
اشرف ابو الريش
القاهرة التاريخية
نقف أمام قلعة صلاح الدين الأيوبى بشموخها التاريخى وننظر من فوق هذه القلعة فنشاهد جبل المقطم هذا المكان الذى يحتل مكانًا فريدًا فى قلب القاهرة القديمة ورغم ارتفاعه المتوسط وحجمه الصغير إلا أن المقطم هو الجبل الأشهر فى القاهرة، ويوجد به مقابر وأضرحة القادة والمشاهير وبعض الأولياء وعلى سفح المقطم تظهر جبانتان الصغرى وتمتد من شارع صلاح سالم حتى مشارف جامع ابن طولون والكبرى تقع فى منطقة الدراسة وتصل حتى مشارف مدينة نصر شمالًا وجنوبًا تدخل فيها قلعة الجبل وما يجاورها من مقابر وأضرحة وبصفة عامة تتسم تلك المقابر بالبساطة. ومن أهم المعالم الأثرية الموجودة فى سفح المقطم ضريح عمرو بن العاص وعبدالله بن الحارث وعبيد بن حذافة وعقبة بن عامر ومسلمة بن مخلد الأنصارى وقبر السيدة نفيسة والشريفة فاطمة والشريف الهاشمى والأشراف من آل طباطبا والإمام الشافعى وذو النون المصرى وابن الحسن الدينورى وعمر بن الفارض والإمام ورش المدنى وغيرهم من أعلام التصوف وكبار العلماء ولذلك اهتم العلماء والكتاب والمؤرخون وعلماء الآثار بجبل المقطم، وذكروا فضل جبانته والمساجد المشيدة عليه وأوديته.
ولعل أهمها المخطوط الذى وضعه الأمام موفق الدين بن عثمان فى القرن السادس عشر للهجرة بعنوان: (مرشد الزوار إلى قبور الأبرار) والذى بقيت منه مخطوطتان إحداهما فى المتحف البريطانى بلندن ولذلك فإن المنطقة تحتاج إلى التطوير الواقع فى القاهرة القديمة وأحياءها الشعبية المجاورة والواقعة داخل المناطق الأثرية.
بفضل الله ما نشاهده خلال هذه الأيام من تطوير على أرض الواقع فى المناطق الأثرية والتاريخية بالقاهرة يعتبر إنجازًا بكل المقاييس بعد سنوات طويلة من الإهمال تسببت فى تجمعات عشوائية ومناطق خطرة وطمست المعالم الأثرية التى لا مثيل لها فى العالم وما حدث فى مجرى العيون خير دليل حيث تحولت بعض المبانى الأثرية إلى حظائر للدواب ومقالب للزبالة وهناك الكثير من المناطق الأثرية فى القاهرة تحتاج إلى أن تنظر إليها الدولة بعين الاعتبار ومن تلك الأماكن التى تستحق خطة عاجلة لتكون أحد المزارات الدينية الإسلامية لما فيها من قباب أثرية وأضرحة كثيرة لعدد كبير من الصحابة والتابعين ما نطلق عليه «منطقة المقطم» أو «بقيع المقطم».
الحديث عن هذه المنطقة الآن واجب خاصة ما أشاهده من تطوير كامل لمنطقة القاهرة التاريخية وتصريحات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أمس الأول فى منطقة مجرى العيون ومعها منطقة السيدة عائشة رضى الله عنها ومنطقة المتحف القومى للحضارة المصرية بالقرب من حصن بابليون ويطل على عين الصيرة فى قلب مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة.. بإذن الله سنشاهد قاهرة المعز كما كانت من قبل خالية من التشوهات الزمنية التى لحقت بها فطمست على تراث وتاريخ مهم للمصريين.
علينا أن نتذكر فى مثل هذا التوقيت من شهر فبراير عام 2016، كان للقيادة السياسية موقف حاسم من ظاهرة انتشار العشوائيات فى مصر.. كانت الدولة فى هذه اللحظة عقدت العزم بكل قوة على أن تسير فى طريق الأشواك التى خلفتها تلك العشوائيات على مدار سنوات طويلة فى أحياء القاهرة.
فتحت الدولة هذا الملف الشائك فى وقت صعب للغاية، خاصة أن متطلبات التمويل تصل إلى مئات المليارات ولكن الإصرار والعزيمة على نقل كل هذه العشوائيات وإعادة رسم مخطط للقاهرة القديمة مرة أخرى.
نطمع أن يأتى يوم علينا لكى تصبح القاهرة القديمة متحفًا مفتوحًا تندرج تحت التراث العالمى بما لها من تاريخ حضارى للإنسانية. تحيا مصر