الثلاثاء 10 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تحفة معمارية مملوكية

حكايات الجثث والكنز المدفون فى منزل أميرة بنت سلطان

تخفى المنازل والمنشآت الأثرية والتاريخية وراءها قصص وحكايات لا تنتهي،ومنها منزل زينب خاتون خلف الجامع الأزهر وسط منطقة تزخر بالعديد من الآثار الإسلامية،وقال عنه عادل المصرى الباحث الأثرى أنه مثال رائع على الإبداع الفنى والمعمارى فى تخطيط المنازل فى العصر المملوكى.



وتابع:أكثر من 500 عام مروا على تاريخ ومكان هذا المنزل الذى يرجع أصله إلى القرن الثامن الهجرى، وينسب إلى الأميرة خوند شقرا بنت السلطان الناصر حسن بن قلاوون، ثم آلت ملكيته فى القرن التاسع الهجرى إلى مثقال السودونى رئيس نوبة السقاة فى البلاط السلطانى الذى اشتراه وجدده وزاد فى عمارته،وتنقلت ملكيته حتى آل إلى الأميرة زينب خاتون الذى عرف المنزل باسمها منذ القرن 13 هجريا 

ويجمع المنزل بين الخصائص الفنية والمعمارية المملوكية وبعض الخصائص العثمانية،وندخل للمنزل من مدخل منخفض خلفه ممر منكسر كعادة العمارة الإسلامية لتجنب رؤية المارة أو الضيوف لما يوجد داخل المنزل ويؤدى الممر إلى الصحن الذى يتوسط المنزل وهو صحن مكشوف ، أما المنزل فيتكون من ثلاث طوابق ، الطابق الأرضى ،  ويشمل مكان للطاحونة ومطبخ ومزيرة لحفظ المياه و حويصلات لتخزين الغلال والمؤن .

هذا البيت قد استخدم كمستشفى سرية ودار لتضميد الجرحى وإسعاف المصابين فى عهد زينب خاتون وقت الحملة الفرنسية على مصر حيث ضربت وقتها خاتون المثل كسيدة وطنية أصيلة تحب مصر وتقاوم أعداءها، وتساند وتأوى عندها رجال المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين بكل ماتملك للتخلص من هذا الاحتلال الغاشم وجنوده وقادته.

والذين استباحوا الجامع الأزهر بخيولهم وعاثوا فيه فسادا على بعد خطوات من منزل زينب خاتون الذى يقع خلفه ، فقد عثر رجال الآثار بالطابق الأرضى داخل أحدى الغرف الصغيرة أسفل المقعد الصيفى على سرداب يضم 27  جثة لرجال المقاومة الشعبية ضد الفرنسين الذين استشهدوا متأثرين بجراحهم فأكرمتهم خاتون بدفنهم فى منزلها وهذا دليل على دورها النضالى الكبير فى ذاك الوقت.

اهتمت لجنة حفظ الآثار العربية بهذا المنزل كمنزل أثرى وبدأت بعمل العديد من الترميمات والاصلاحات فيه منذ عام 1882،وحتى عام 1942،وفى نهاية الثمانينيات وأثناء تنفيذ مشروع ترميم للمنزل و بينما أحد العمال يعيد تشكيل وتهذيب الأحجار فى أحد جدران المنزل عثر على جرة فخارية من العملات الذهبية تقدر بألف دينار يرجع تاريخ ضربها وسكها إلى العهد المملوكى عهد السلطان قايتباى أحد ملاك المنزل.

 وبالبحث فى نفس المكان تم العثور على جرة أخرى من الفخار فى باطن الجدار بها عملات ذهبية أوروبية تم سكها فى إيطاليا والبرتغال وترجع للعصر العثمانى وربما كانت خبيئة تخص الحاج عبد العزيز التاجر أحد ملاك المنزل فى العصر العثمانى قبل زينب خاتون  ليرتفع عدد العملات الذهبية إلى حوالى 3611 قطعة ذهبية وهى الآن محفوظة بمتحف الفن الإسلامى بباب الخلق تحت اسم كنز أو خبيئة منزل زينب خاتون.