الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الاستعمار الرقمى

الاستعمار الرقمى

الاستعمار الغربى للقارة الإفريقية والذى أخذ شكلًا منظمًا خلال القرن التاسع عشر وتحديدًا بعد انعقاد مؤتمر برلين عام 1884 والذى نظم الاستعمار الأوروبى وحركة التجارة فى إفريقيا واحتلالها بالكامل وما استتبعه من نهب ممنهج لثروات تلك القارة البكر ومع حركة نقل البشر فى الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر حيث تم نقل ما يقرب من 12 مليون إفريقى إلى الأمريكتين فى أكبر حركة أسست لنظام الرق والعبودية على مستوى التاريخ كله... يكفى أن تعرف أن تعداد العبيد فى الولايات المتحدة الأمريكية وصل إلى رقم 4 ملايين عام 1860... تغير الوضع فى  القرن العشرين مع حركات التحرر والاستقلال للدول الإفريقية وتراجع الولايات المتحدة نوعًا ما عن إقرار هذا النظام إلا أنه لا يخفى استمرار السيطرة الاقتصادية على دول القارة بدرجات مختلفة.



واليوم فى عصر المعلومات وما يطلق عليه الاقتصاد الرقمى فإن الأمر ربما يكون أكثر خطورة على مستوى  المراقبة والسيطرة على المعلومات فى تلك القارة من خلال إنشاء الغرب للبنية التحتية للاتصالات وكذا مراكز البيانات بإفريقيا والتى وصل عددها إلى نحو 80  مركز بيانات عملاق يقع نصفها تقريبًا فى دولة جنوب إفريقيا، هذا بالإضافة إلى السيطرة على مسارات الكابلات البحرية وإنشاء عدد كبير من مسارات الكابلات حول القارة بالكامل.

ولأن الهرم السكانى فى إفريقيا واعد جدًا حيث يشكل من هم دون سن الـ24  عامًا نحو 60%  من إجمالى عدد السكان وهى طاقة بشرية كبيرة يمكن إذا أحسن استغلالها أن يكون لها دور كبير فى انتعاش الاقتصاد الرقمى لإفريقيا وإلا فإن البديل سيكون استعمارًا رقميًا جديدًا.

توفير التمويل وتنمية الكوادر البشرية من الأمور المهمة والأساسية من أجل البدء ويستتبعها أيضًا سن قوانين منظمة للفضاء الإلكترونى ومنها قوانين لجرائم تقنية المعلومات وحماية البيانات الشخصية وتنظيم الأعمال الإلكترونية والتكنولوجيا المالية وأخيرًا العمل والتعليم عن بعد.

والناظر إلى تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الانكتاد-UNCTAD) الأخير والخاص بموقع سن قوانين تنظيم الفضاء السيبرانى حول العالم  فى فبراير 2020 يظهر مدى الحاجة إلى سن هذه القوانين... فالتقرير يستعرض الدول من حيث وجود قوانين بالفعل أو مشروعات  –مسودة-  لقوانين أو عدم وجود قوانين على الإطلاق.

أولًا نجد خارج القارة الإفريقية لا يوجد إلا 6 دول فقط بلا قوانين حتى وقت إصدار التقرير وهى” بلجيكا وبيلاروسيا وسوريا وسورينام وجويانا وبوليفيا «... أما داخل القارة الإفريقية فإن الموقف أكثر تأزمًا حيث أشار التقرير إلى عدم وجود أى تشريعات فى كل من “ ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والجابون وغينيا الإستوائية وليبيريا وغينيا بيساو واريتريا والصومال وناميبيا وجزر القمر “كما توجد مشروعات لقوانين بكل من مملكة اسواتينى -سوازيلاند سابقا-  والكونغو.

استكمال التشريعات ووضع استراتيجية متكاملة للتحول الرقمى وبناء الاقتصاد الرقمى وتفعيل التجارة الإلكترونية بين دول القارة أمر مهم وضرورى للتحرر من الاستعمار الرقمى الموجود على الأبواب.